عبدالمعين عيد الأغا

أبناؤنا والصيف والسهر

الثلاثاء - 11 يونيو 2024

Tue - 11 Jun 2024

بدأت "إجازة الصيف" التي ينتظرها أبناؤنا بكل شغف، كونهم يتنفسون الصعداء ويستطيعون التمتع بأيامها في ممارسة هواياتهم وغيرها من الأنشطة الاجتماعية والترفيهية التي تمنحهم الشعور بالسعادة، وهذا الأمر مطلوب في حياة الجميع؛ لأنه يحقق التوازن بين الترفيه وكسر الروتين اليومي.

والواقع أن ما يؤخذ على بعض الأبناء في الصيف عدم اهتمامهم بصحتهم، إذ تظهر الكثير من السلوكيات الخاطئة التي تؤثر على صحتهم، وأولها وأخطرها السهر، فكثير من الأبناء الأعزاء يجدون الصيف فرصة للسهر وتحويل الليل إلى نهار، فنجدهم يخلدون للنوم بعد إشراقة شمس الصباح بساعات وإلى بعد العصر أو المغرب وبعدها يبدأ يومهم الجديد وهكذا.

وبالطبع هناك عدة انعكاسات سلبية مؤثرة على الصحة تحدث بسبب ذلك ولا يشعر بها الأبناء، ومنها اختلال هرمونات الجسم المهمة في عملية النمو، وتحديدا هرمون النمو الذي يسهم في بناء عضلات وأنسجة الجسم وبلوغ الطول ويعتمد على نمو الجسم بشكل عام، ويتم إفرازه من خلال الغدة النخامية في الدم، إذ يعتمد هرمون النمو على تعزيز مرحلة النمو لدى الأطفال والمراهقين، فهناك العديد من العوامل التي تزيد من مستوى هرمون النمو في الجسم، كالنوم المنتظم، والرياضة اليومية، وتناول الأطعمة الصحية الغنية بالعناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، أما السهر فيعيق ذلك، ولكن من حكمة الله أن يعود هرمون النمو للعمل بشكل طبيعي عند الأطفال واليافعين في حال تجنب السهر.

والنقطة الأخرى التي تشكل من العوامل المؤثرة جدا في سهر الأبناء خلال إجازة الصيف هي الأجهزة الالكترونية، فالأطفال المدمنون على الألعاب الالكترونية للأسف يجعلون هذه الألعاب خير صديق لهم في إجازة الصيف، فلا يغمضون أعينهم إلا بعد استنزاف كل الوقت وراء الألعاب، وبالطبع الانعكاسات المؤثرة على الصحة كثيرة ومنها (الحرمان من النوم، غياب التفاعل الاجتماعي، العزلة والانطوائية، الصداع، النعاس المتكرر، تقلب المزاج، وغير ذلك من الأعراض الأخرى).

ومن الأمور المؤثرة على الصحة بسبب السهر هي ضعف المناعة، إذ إن النوم يساعد ويحفز عمل المناعة على مواجهة الفيروسات ومكافحة مختلف الأمراض، فالجهاز المناعي بالجسم يحتاج إلى بعض العوامل اللازمة لاستمرار فاعليته في مكافحة الأمراض، والتي يسبب غيابها خللا يؤدي إلى إضعافه، وقلة نشاطه وقدرته على مواجهة الفيروسات والبكتيريا التي تهاجم الجسم، ومن أهمها النوم الصحي بتجنب السهر.

ويترتب مع السهر الطويل الممتد إلى ما بعد خيوط الفجر في الصيف حدوث خلخلة في النظام الغذائي، أهمها زيادة استهلاك الوجبات السريعة والأطعمة غير الصحية والمشروبات الغازية دون حسبان وخصوصا عند الجلوس وممارسة الألعاب الالكترونية، وكل هذا قد يساعد على اكتساب الأطفال واليافعين زيادة بعض الكيلوجرامات في ظل الخمول وغياب الحركة والرياضة.

وبجانب كل ما ذكر هناك انعكاسات سلبية أخرى على سهر الأبناء تتمثل في حدوث التأثيرات العاطفية، فالسهر قد يزيد من مستويات التوتر والقلق لدى الأطفال، ويمكن أن يسهم في حدوث مشاكل نفسية وعصبية ومزاجية، إذ قد يلاحظ زيادة في التصرفات المزعجة أو الانفعالية، كما يؤثر السهر على جودة حياة الأبناء وتفاعلهم مع محيطهم الاجتماعي، وأيضا التأثير على الإنتاجية، فالسهر يجعل الجسم غير قادر على القيام بأي عمل.

ونأتي إلى الحلول.. لا بد من توجيه الأبناء بتجنب السهر مهما كانت المبررات، وضبط ساعات النوم والاستيقاظ، وهنا يأتي دور الوالدين في توجيه أبنائهم، فالإجازة تعني الترفيه والاستمتاع والتفاعل الاجتماعي وممارسة الهوايات ومختلف الأنشطة الرياضية ولكن ليس على حساب السهر وعدم الاهتمام بالصحة الجسدية.

فخلاصة القول إن أخطر الانعكاسات السلبية التي تنتج عن السهر عند الأبناء هي: اختلال هرمونات الجسم المهمة في عملية بناء الجسم والنمو، التعلق الزائد بالأجهزة والألعاب الالكترونية، زيادة استهلاك الأطعمة والمشروبات غير الصحية وبالتالي زيادة الوزن، ضعف الجهاز المناعي، تراجع الإنتاجية، تقلب المزاج وارتفاع التوتر والقلق، ضعف جودة الحياة.