بسمة السيوفي

حج وبيع مساويك

الثلاثاء - 11 يونيو 2024

Tue - 11 Jun 2024


يتوافد المسلمون منذ أوائل ذي القعدة من جميع أنحاء العالم إلى مكة المكرمة لأداء شعيرة الحج العظيمة.

يرددون لبيك اللهم لبيك، في ظروف غير عادية، في وقت واحد، وموقع واحد، وعدد محدد، للقيام بالركن الخامس للدين لمن استطاع إليه سبيلا، مما يجعله تحديا كبيرا تنجح فيه المملكة العربية السعودية كل سنة باقتدار.

من أهم هذه التحديات، هو ضمان سلامة أداء الشعيرة في ضوء الأعداد الهائلة للحجاج القادمين في هذا الحدث الديني، عبر التخطيط المسبق لإدارة الحج.

والاستعداد لنقل ضيوف الرحمن من مختلف أنحاء العالم مع تيسير الإجراءات كافة، وتقديم أفضل الخدمات في مختلف مواقع الخدمة.

من أبرز هذه الخدمات، استقبال حجاج بيت الله الحرام عبر 5 مطارات داخلية متمثلة في مطارات (جدة، المدينة المنورة، الرياض، الدمام، ينبع)، وتقديم الخدمة لـ120 ألف حاج عبر مبادرة طريق مكة، في الوقت الذي تقدم فيه الخطوط السعودية خدمة «حج بلا أمتعة» عبر مناولة أكثر من 270 ألف حقيبة.

كما تتضمن إدارة الحج إدارة حركة المشاة والمركبات، وضمان وجود بنية تحتية قوية لتلبية احتياجات الحجاج، من خدمات النقل والإسكان والخدمات الطبية، إضافة إلى توفير التدابير الأمنية اللازمة لمنع وتفادي وقوع أي حوادث، والتصدي لأي تهديدات أمنية محتملة، فأمن الحج يعد أمرا حيويا للسلامة والاستقرار في المملكة العربية السعودية، وللمسلمين القاصدين للحرم المكي والمديني.

إذ يتطلب ضمان الأمن تنسيقا فعالا بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الشرطة، والقوات العسكرية، والإدارات المحلية، والأجهزة الطبية.

ومن أهم أهداف نجاح موسم الحج الأمن والسلامة، التي تتطلب لتحقيقها تنفيذ كثير من الإجراءات، منها: توفير التغطية الأمنية المكثفة في مختلف المناطق المقدسة والمحيطة بها، ومنع دخول أي أشخاص غير مرخص لهم.

لذا، فإن التنسيق مع الدولة كجهة مسؤولة عن تنظيم وإدارة موسم الحج، يلزم الدول الإسلامية التعاون واتباع التوجيهات والإرشادات لضمان سلامة الحجاج. كما يلزم الدول الإسلامية الدعم اللوجستي لحجاجها خلال التنظيم، وتوفير النقل والإسكان، والخدمات الطبية والغذائية خلال فترة الحج.

ولا شك أن الرصد والتحليل باستخدام التكنولوجيا المتطورة، مثل كاميرات المراقبة وأنظمة الاستشعار لمراقبة الحركة، يسهم في التحليل المبكر لأي صعوبات محتملة، وتعد توعية الحجاج بالسلوكيات الآمنة والإجراءات الوقائية من أهم الأدوات التي تجابه بها تحديات التفويج وإدارة الحشود، لضمان أن يكون هذا التجمع الضخم للمسلمين تجربة آمنة وممتعة للجميع.

هناك مثل شعبي دارج يتردد على الألسنة يقول: «حج وبيع مساويك».. أو «حج وبيع سُبح» مفردة مسواك ومفردة سبحة.

ويقصد به تحقيق أكثر من مصلحة في مشوار واحد، أو تحقيق منافع إضافية، يستخدم هذا المثل للإشارة إلى القيام بأمور قد تكون متناقضة مع الهدف الأساس، مثل الجمع بين أعمال ذات طبيعة دينية (مثل الحج) وأعمال دنيوية بحتة (مثل البيع).

لذا، فإن جمع نشاط الحج والبيع معا، يُشير إلى نوع من عدم الانسجام بين الأمور الدينية والدنيوية، لكن المؤكد أن في الحج غايات دنيوية أخرى غير العبادة.

«ليشهدوا منافع لهم وليطوفوا بالبيت العتيق»، حيث يوفر فرصا لكثير من الراغبين في العمل والتطوع بمختلف القطاعات، إضافة إلى تعزيز الموارد الاقتصادية من إنفاق الحجاج على السلع والخدمات.

والتساؤل الذي أريد التركيز عليه في هذا المقال هو: ما توجه إنفاق الحجاج على شراء الهدايا خلال موسم حج 1445؟، وهل تتركز الهدايا من البقاع المقدسة في «السبح» منخفضة التكلفة والوزن؟، خاصة عندما نعلم أن موسم بيع السبح ينمو بمعدل 400% سنويا، وأن كل حاج يرغب في شراء الهدايا التذكارية لأهله عندما يعود، بشرط أن تكون هذه الهدايا رخيصة الثمن.

وهنا تبرز لنا أهمية أن تنافس تلك البضائع والهدايا التذكارية منتجات محلية بصناعة سعودية، منتجات يتم تصنيعها في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفق أعلى معايير الجودة وبأثمان معقولة، مثل المنتجات الحرفية المطبوعة حراريا على القمصان والمخدات والأكياس، إلى جانب الأعمال اليدوية مثل المسابح والسجاد أو عبوات التمر والبخور والعطور، وكل ما يحمل في مضمونه ما يتعلق بشعائر العمرة أو الحج والمشاعر المقدسة.

الهدف هو ازدهار صناعة المنتجات والتذكارات السعودية، لتكون منافسة ومتوافرة في كل مكان بدل الاستيراد من الخارج، فالمستفيد الأكبر هو الاقتصاد إذا تم الاستثمار بشكل جيد في صناعة وبيع هدايا الحجاج والمعتمرين.

لا بد من تخصيص نقاط لتوزيع المنتجات في المطارات ومحطات القطارات، وبالقرب من مساحات الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، لما تمثله من نقاط توزيع جيدة لمنتجات الهدايا التذكارية.

كما أن هناك ضرورة لتعاون الأمانات والجهات المعنية لمساندة ودعم التسويق والتوزيع، وأيضا زيادة الاهتمام بالعمل الحرفي لتدريب الفئات على صناعة المنتجات ذات الطابع السعودي.

فتوافر المنتجات في منافذ البيع مع جودة التصنيع والسعر المعقول، سينقذ الحاج والمعتمر والزائر من حيرة اختيار الهدية المناسبة التي سيعود بها إلى بلاده.

الحج موسم روحانيات وعبادات.

رحلة نورانية عظيمة يتشرف فيها أهل المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، والقائمين على صيرورة هذه الشعيرة المقدسة، وصولا إلى أصغر فرد فيهم، بخدمة ضيوف الرحمن والقيام على راحتهم.

هو موسم تزيد فيه الفرص لتعزيز الهوية والثقافة والأصالة السعودية، ونحن مستعدون بإذن الله.

فتقبل الله حج الحجيج، ونفع أهل «المساويك»، ورد الجميع سالمين بأجر وغنيمة.



smileofswords@