فيصل الشمري

الاتفاق السعودي الأمريكي الجاري بحثه سيعزز سيادة وقدرات السعودية

الاثنين - 10 يونيو 2024

Mon - 10 Jun 2024


تجرى حاليا مفاوضات ما بين حكومة المملكة العربية السعودية وإدارة الرئيس بايدن من أجل إنهاء المشاورات الخاصة بتوقيع اتفاق أمريكي سعودي يعطي المملكة العديد من الضمانات الأمنية.

وسيتضمن هذا الاتفاق تقديم العديد من الخبرات التكنولوجية والفنية لتمكين السعودية من تطوير برنامجها السلمي والمدني للطاقة النووية.

لكن المملكة تصر على أن هذا الاتفاق ما بين واشنطن والرياض ليس الخطوة التمهيدية لتطبيع علاقات السعودية مع إسرائيل.

وغالبا ما تطلق هذه المقولة كإشارة إلى خطة كبيرة ستطبق وتنهي الصراع «العربي - الإسرائيلي».

تعمل السياسة الخارجية للملكة العربية السعودية على إعلاء شأن القضايا التي تهم كل العرب والمسلمين بطريقة تضمن نجاحهم.

ومن ثم فإن هذا الاتفاق يؤكد بكل وضوح أن السعودية قادرة على أن تعبر بكل شفافية عن هدف قومي قوي خاص بها يضمن سلامتها واستقرارها.

ولا تساوم السعودية مع أي دولة في العالم على أهدافها السامية.

للمملكة مبادئ معروفة جيدا والتي بدورها تؤكد على مصالحها الوطنية والقومية.

ومن هذا المنطلق فإن تطوير السعودية لطاقتها النووية السلمية هو عامل يقوي من سيادتها ويساعد حكومتها على ضمان أمن وسلامة مواطنيها ومن يقيمون على أراضيها.

وهذا الاتفاق يجعل الولايات المتحدة واقفة في صف السعودية وتعمل معها على اتخاذ الخطوات الضرورية لمنع نشوب العنف في منطقة الخليج بصفة خاصة ومنطقة الشرق الأوسط عامة.

يعتبر هذا الاتفاق الذي يجرى التفاوض بشأنه هو تكملة لعدة اتفاقيات عقدتها المملكة مع إدارات أمريكية مختلفة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية.

ففي الثامن من مايو من عام 2023 وقعت السعودية مع الحكومة الأمريكية اتفاق التعاون التقني والذي تم التوقيع عليه في مدينة جدة.

ويعتبر هذا الاتفاق أكثر الاتفاقيات حداثة ما بين المملكة العربية السعودية وحكومة الولايات المتحدة لزيادة التنسيق الأمني ما بينهما.

ولقد كان الاتفاق الذي أبرم في عام 2008 ما بين الحكومتين هو أول اتفاق بينهما والذي تضمن وسائل تزيد من قدرات المملكة على حماية قاعدتها الحيوية من البنية الأساسية، وساعد هذا الاتفاق على حماية الشعب السعودي من العديد من الهجمات والتهديدات الإرهابية.

ومنذ ذلك التاريخ تم عقد اتفاقيات عدة ما بين السعودية وأمريكا ولكن كانت تلك الاتفاقيات موضعا للكثير من التعديلات والتغيرات من أجل أن تواجه الأخطار المتعددة والمتزايدة التي تحيط دائما بأمنها وتهدد من سلامتها وسلامة شعبها.

إن تلك الاتفاقيات قد ساورها النجاح والدليل على ذلك هو ارتفاع مستوى المهارة لدى أفراد الأمن والدفاع القومي السعودي نتيجة المستوى الممتاز من التدريب الذي يتلقونه.

وبالطبع فإن هذا التدريب وهذه القدرات يضمنان الحماية للمملكة خصوصا في ما يتعلق بتوجهها نحو دولة واقتصاد متقدم ومتعدد يواجه تحديات القرن الواحد والعشرين.

ويمكن وصف الاتفاق الأمني حال التوقيع عليه على أنه امتداد أيضا لعدة اتفاقيات أمنية وقعت في الماضي.

وفي هذا السياق فإن المملكة هي أكبر مشتر للأسلحة الأمريكية ضمن البرنامج الأمريكي المعروف باسم «مبيعات الأسلحة للخارج.

«وقد بلغت مشتريات الأسلحة المصنعة في الولايات المتحدة والتي تم شراؤها من قبل المملكة مبلغ مائة مليار من الدولارات.

ويمكن الإضافة إلى هذه الاتفاقيات التجارية والاقتصادية والتي بلغت مستوى لم يشهد له مثيل تعتبر المملكة العربية السعودية هي ثاني شريك تجاري للولايات المتحدة، كما تعتبر أمريكا شريكا تجاريا كبيرا للمملكة.

وتجدر الإشارة إلى أن أمريكا تستورد يوميا من السعودية ما يقرب من نصف مليون من النفط يوميا، وهذا يجعل المملكة هي ثالث أكبر مصدر للبترول إلى السوق الأمريكية.

تم إضفاء الطابع المؤسسي على هذا التعاون والتفاهم الاقتصادي ما بين البلدين منذ أكثر من عشرين عاما.

ففي عام 2003 تم التوقيع على اتفاق إطار التجارة والاستثمار والذي يعرف باسم تيفا، ويمثل هذا الاتفاق مظلة تشمل الحوار الهيكلي المستمر ما بين الحكومة الأمريكية والشركاء الاقتصاديين الدوليين الذين لهم أهمية كبرى، ويعمل على إقامة الإصلاحات الاقتصادية وتحرير التجارة ويمثل هذا جزءا من رؤية 2030 السعودية.

بالإضافة إلى هذا، فإنه من المهم ذكر البرنامج المعروف باسم «برنامج الزوار من القياديين،» والذي يتيح الفرص للعديد من قادة السعودية من الشباب التعرف على الولايات المتحدة الأمريكية وأيضا تقديم العديد من التدريبات والفرص لهم ولا يمكن إنكار أن للسعودية دورا متميزا ومتفردا في العالم الإسلامي والعالم العربي.

هذا الدور العام للسعودية يرسخ من معالم الاستقرار والأمن لكافة شعوب العالم.

هناك العديد من شبكات الإرهاب والتي تستهدف المملكة شرا. إن من حق السعودية أن تدافع عن نفسها.

يمكن القول بأن كل الاتفاقيات الأمنية التي تم التوقيع عليها من قبل المملكة تسعى إلى حماية وضمان الأمان والحياة المستقرة للمجتمعات في العديد من دول العالم.

ومن ثم فإن التنسيق الأمني السعودي-الأمريكي هو ترتيبات مؤسساتية بين الدولتين من أجل إقامة السلام الدولي والإقليمي.

وبصورة دائمة تعمل كل من الرياض وواشنطن على التشاور فيما بينهما حول العديد من القضايا السياسية والدبلوماسية المشتركة بينهما، لكن للأسف حاولت إدارة بايدن تجاهل الدور المحوري للمملكة العربية السعودية.

لكنها فشلت في هذا الأمر لأن السعودية أملت إرادتها على واشنطن، فأدركت أمريكا أنه من المستحيل إلغاء دور السعودية.

إن الفرضية الأساسية لهذا الاتفاق ما بين السعودية وأمريكا هو إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط.

ومن هذا الأمر، فإن المملكة استطاعت أن تقيم استراتيجية تربط ما بين كل عناصر الصراع وكل عناصر التعاون التي تؤثر على منطقة الشرق الأوسط.

ويشمل هذه كيف يمكن مساعدة الفلسطينيين وتوفير الحماية لهم.

وسوف يكون هذا الاتفاق الداعم الأول لتمكين الفلسطينيين من إقامة دولة مستقلة خاصة بهم ذات سيادة، كما أن هذا الاتفاق سيسهم في إقامة تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسيضع الضغوط على أمريكا من أجل وقف الحرب في غزة.

وبصورة عامة، لدى الشعب السعودي ثقة في حكومته وبالذات في قدرتها على إيجاد وسائل للتعاون في المجال الدولي.

يثمن الشعب السعودي قدرة قيادته الرشيدة على إعلان ما هي أولويات السياسة الخارجية لبلادهم، وفي نفس الوقت العمل سويا مع كل دول العالم من أجل إرساء العدالة للفلسطينيين.

إن القدرة الغالبة للسعودية واستراتيجيتها هي قوة أفعالها والتي تسعى إلى تطبيق سياسات دولية حميدة بصلابة وبفاعلية.



mr_alshammeri@