تحية لمعلم.. عطا الله الشمري أنموذجا
الأحد - 09 يونيو 2024
Sun - 09 Jun 2024
لم يكن الباعث لهذه التحية تلويحة أخيرة في نهاية العام الدراسي، لكن لأنني مررت بتجربة مباشرة خلال الأيام الماضية جعلتني أقترب من تفاصيل يومهم. فإن كان في عالم الصحافة والإعلام ما يعرف «بالمطبخ الصحفي»، فإن المعلمين يعيشون يوميا داخل «الفرن الدراسي».
الحكاية بتفاصيلها أنني ولي أمر – غير جيد في أكثر الأحيان – تمت إضافتي في (قروب واتس اب) خاص بطلاب الفصل، بحكم أن ابني ليس لديه «هاتف محمول» خاص به، وهذا ما جعلني أرى عن قرب معاناة المعلمين مع الطلاب، وإني لأغبطهم على ما وهبهم المولى من سعة صدر، ومن احتواء للطلاب، وأحسب أن التعليم ليس مهنة فقط، بل تتعدى ذلك ليكون المعلم أبا لجميع طلابه.
ومن الأمثلة التي رأيتها، أن يسال طالب في «قروب واتس اب» عن حل مسألة ما، فيبادر المعلم بإرسال المسألة مع حلها مصورة من الكتاب، وما إن تمضي دقائق حتى يسأل طالب آخر: «أستاذ أنت متأكد إن حلك صح؟»، ورغم استفزاز السؤال – بالنسبة لي وليس للمعلم - يعود الأستاذ بشرح المسألة صوتيا وبأسلوب هادئ جدا، ثم يعود طالب آخر ليس عنده استعداد لقراءة التعليقات الفائتة ويسأل السؤال نفسه، وفي كل مرة أجد المعلم يعيد الشرح والتصويب بكل هدوء، وتتوالي الأسئلة التي تذكرني بطُرف الإمام الشعبي – رحمه الله – مع مثل هذه الأسئلة، فيروى عن الإمام الشعبي عندما سأله سائل عن كيفيه مسح اللحية في الوضوء، فأجابه: خللها بأصابعك، ثم عاد وسأله: ولكن أخاف ألا تبتل، فقال الإمام الشعبي: إذن انقعها من أول الليل! وفي مرة سأله رجل: ما تقول في رجل شتمني في أول يوم من رمضان هل يؤجر؟ فقال الشعبي: إن قال يا أحمق.. فنعم!
مع أن ما عايشته في (قروب واتس اب) لا يعد إلا ملمحا ضئيلا عما يعايشونه في الفصل، فقد ضقت ذرعا، رغم أن تجربتي كانت فترة قصيرة جدا، وأحدد الوقت الذي أعيش فيه معهم، فكيف يعيش مع الطلاب أكثر مما يجلسون ربما مع عائلاتهم، مع ملاحظة أن وجودهم في (القروب) خارج دوامهم الرسمي، ومع ذلك تجدهم بهذه الأريحية.
وهنا، من الواجب الأخلاقي الذي يحتم علي أن أبعث بشكر خاص للأستاذ عطاالله الشمري، هذا الرجل – لقصور مني - لا أعرف حتى ملامحه، لكنني عرفته رجلا موجودا على (قروب واتس اب) على مدار الساعة، يجيب عن استفسارات الطلاب حتى في أوقات متأخرة، يتحمل أسئلتهم التي تشبه أحيانا أسئلة جماعة الإمام الشعبي.
في مرات غير قليلة يستعين به الطلاب لمساعدتهم في حل مسائل خارج تخصصه، فتجده يتواصل مع معلم المواد الأخرى، ويحرص على إيصال المعلومة لهم.
أنا الآن أتكلم عن رجل لا يعرفني، ومن الخطأ ألا أعرفه، وأنا على يقين أنه لم يكن ينتظر شكرا من أحد.
والأستاذ الجليل عطاالله الشمري ما هو إلا أنموذج لمئات المعلمين الرائعين الذين لا ينظرون لعملهم بأنه مجرد مهنة، بل قيمة عظيمة وصناعة أجيال واعية لهذه الوطن العظيم.
Fheedal3deem@
الحكاية بتفاصيلها أنني ولي أمر – غير جيد في أكثر الأحيان – تمت إضافتي في (قروب واتس اب) خاص بطلاب الفصل، بحكم أن ابني ليس لديه «هاتف محمول» خاص به، وهذا ما جعلني أرى عن قرب معاناة المعلمين مع الطلاب، وإني لأغبطهم على ما وهبهم المولى من سعة صدر، ومن احتواء للطلاب، وأحسب أن التعليم ليس مهنة فقط، بل تتعدى ذلك ليكون المعلم أبا لجميع طلابه.
ومن الأمثلة التي رأيتها، أن يسال طالب في «قروب واتس اب» عن حل مسألة ما، فيبادر المعلم بإرسال المسألة مع حلها مصورة من الكتاب، وما إن تمضي دقائق حتى يسأل طالب آخر: «أستاذ أنت متأكد إن حلك صح؟»، ورغم استفزاز السؤال – بالنسبة لي وليس للمعلم - يعود الأستاذ بشرح المسألة صوتيا وبأسلوب هادئ جدا، ثم يعود طالب آخر ليس عنده استعداد لقراءة التعليقات الفائتة ويسأل السؤال نفسه، وفي كل مرة أجد المعلم يعيد الشرح والتصويب بكل هدوء، وتتوالي الأسئلة التي تذكرني بطُرف الإمام الشعبي – رحمه الله – مع مثل هذه الأسئلة، فيروى عن الإمام الشعبي عندما سأله سائل عن كيفيه مسح اللحية في الوضوء، فأجابه: خللها بأصابعك، ثم عاد وسأله: ولكن أخاف ألا تبتل، فقال الإمام الشعبي: إذن انقعها من أول الليل! وفي مرة سأله رجل: ما تقول في رجل شتمني في أول يوم من رمضان هل يؤجر؟ فقال الشعبي: إن قال يا أحمق.. فنعم!
مع أن ما عايشته في (قروب واتس اب) لا يعد إلا ملمحا ضئيلا عما يعايشونه في الفصل، فقد ضقت ذرعا، رغم أن تجربتي كانت فترة قصيرة جدا، وأحدد الوقت الذي أعيش فيه معهم، فكيف يعيش مع الطلاب أكثر مما يجلسون ربما مع عائلاتهم، مع ملاحظة أن وجودهم في (القروب) خارج دوامهم الرسمي، ومع ذلك تجدهم بهذه الأريحية.
وهنا، من الواجب الأخلاقي الذي يحتم علي أن أبعث بشكر خاص للأستاذ عطاالله الشمري، هذا الرجل – لقصور مني - لا أعرف حتى ملامحه، لكنني عرفته رجلا موجودا على (قروب واتس اب) على مدار الساعة، يجيب عن استفسارات الطلاب حتى في أوقات متأخرة، يتحمل أسئلتهم التي تشبه أحيانا أسئلة جماعة الإمام الشعبي.
في مرات غير قليلة يستعين به الطلاب لمساعدتهم في حل مسائل خارج تخصصه، فتجده يتواصل مع معلم المواد الأخرى، ويحرص على إيصال المعلومة لهم.
أنا الآن أتكلم عن رجل لا يعرفني، ومن الخطأ ألا أعرفه، وأنا على يقين أنه لم يكن ينتظر شكرا من أحد.
والأستاذ الجليل عطاالله الشمري ما هو إلا أنموذج لمئات المعلمين الرائعين الذين لا ينظرون لعملهم بأنه مجرد مهنة، بل قيمة عظيمة وصناعة أجيال واعية لهذه الوطن العظيم.
Fheedal3deem@