نبيل عبدالحفيظ الحكمي

الجامعات والصناعة

الأربعاء - 05 يونيو 2024

Wed - 05 Jun 2024

في عصرنا الحالي، بشكل عام يزداد تعزيز التعاون بين الجامعات والقطاع الصناعي، مما يعود بالنفع على الطرفين ويؤدي إلى تنمية البحث والتطوير والابتكار الصناعي.

من خلال هذه الشراكات، تم إحراز مساهمات كبيرة في مجالات مختلفة منها العلوم والتقنية والاقتصاد وغيرها من المجالات، مما يؤكد على أهمية هذه العلاقة التآزرية. عزيزي القارئ، في مقالة اليوم، سنستكشف كيفية نجاح هذا التعاون وسنذكر أمثلة محددة تبرز تأثير هذه الشراكات على الاقتصاد والمجتمع.

تتميز الجامعات في مجال البحوث الأساسية والتطبيقية، موفرة رؤى عميقة حول المشاكل المعقدة وتعزيز بيئة التعلم والابتكار. تعرف المؤسسات الأكاديمية بطرقها النوعية ورؤيتها طويلة الأمد لمشاريع البحث العلمي.

من ناحية أخرى يتميز القطاع الصناعي بقدرته على تطبيق نتائج هذه الأبحاث لتطوير التطبيقات العملية وتسويقها.

يمكن أن يتخذ التعاون بين الجامعات والقطاع الصناعي أشكالا متعددة، بما في ذلك:
- الشراكات البحثية: غالبا ما تمول الشركات مشاريع بحثية داخل الجامعات للاستفادة من الثروة المعرفية والحلول الابتكارية التي يمكن أن يوفرها الأكاديميون.

- برامج التدريب والتعاون: توفر هذه البرامج تجربة عملية للطلاب مع السماح للشركات بالوصول المبكر إلى الجيل القادم من المواهب.

- نقل التقنية: غالبا ما تمتلك الجامعات مكاتب لنقل التقنية تساعد في تسجيل الاكتشافات وترخيصها للشركات.

هنالك العديد من الشراكات الناجحة بين الجامعات والقطاع الصناعي في مختلف القطاعات.

في مجال الصيدلة والتقنية الحيوية، شاركت «جامعة أكسفورد» و«شركة أسترازينيكا» في تطوير لقاح كوفيد- 19. أدت هذه الشراكة إلى النجاح في إنتاج وتوزيع أكثر من 2 مليار جرعة لقاح لأكثر من 170 دولة بحلول العام الماضي، عام 2023.

في مجال التقنية والهندسة، أسس «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) وشركة «آي بي إم» مختبر MIT-IBM Watson AI. صممت هذه المبادرة لدفع التقدم البحثي في مجال الذكاء الاصطناعي، مما أسفر عن أكثر من 50 مشروعا نشطا أسهمت في تقدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف الصناعات.

حيث بلغ إجمالي استثمارات شركة «آي بي إم» 240 مليون دولار على مدى عشر سنوات، مما يؤكد الالتزام الكبير بدعم البحث والتطوير طويل الأمد.

في حلول الطاقة المستدامة، تعاونت «جامعة ستانفورد» و«شركة قوقل» على تطوير شبكات ذكية وتقنيات طاقة مستدامة. إحدى نتائج هذه الشراكة البارزة هو مشروع «Google Sunroof»، الذي يستخدم التعلم الآلي لتقييم الإمكانيات الشمسية للأسقف الفردية، مما يسهل اتخاذ قرارات أكثر ذكاء بشأن استخدام الطاقة الشمسية. دعمت قوقل هذه الجهود بالاستثمارات الكبيرة في المنح البحثية وتطوير البنية التحتية اللازمة، مما يظهر الالتزام القوي بتقدم تقنيات الطاقة المستدامة.

تميزت الجامعات السعودية ومنها «جامعة الملك عبدالعزيز» متمثلة في كل من «شركة التصوير الجزيئي الطبية المحدودة (I-ONE)» و«شركة الترياق الأولى الطبية (الترياق فارما)» وهي إحدى شركات شركة وادي جدة، الذراع الاستثماري للجامعة. حيث تتميز «شركة الترياق الأولى الطبية» بتطوير منتجات طبية ودوائية مبتكرة متوفرة بالآلاف في الأسواق وذلك من خلال التعاون مع العديد من الشركات الطبية والدوائية الوطنية والعالمية للتكامل في جميع مراحل الصناعة والتصنيع ذو العلاقة. إحدى نتائج هذه الشراكات تطوير العديد من المنتجات الطبية والمتوفرة في الأسواق المحلية، حيث لدى شركة الترياق الأولى الطبية 9 منتجات في الأسواق وأكثر من 20 منتج تحت التطوير بالشراكة مع العديد من الشركات الدوائية الوطنية والعالمية.

بينما تتميز «شركة التصوير الجزيئي الطبية المحدودة (I-ONE)» بإنتاج وتصنيع النظائر المشعة المبتكرة بأيادي سعودية، حيث تقوم الشركة أيضا بتقديم خدمات التصوير الطبي المتخصص باستخدام تقنية التصوير البوزيتروني المتقدمة PET/CT-MRI، والتي تجمع بين الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية مع التصوير النووي، لتوفير تشخيص دقيق وشامل للمرضى بشكل مبتكر وذلك من خلال التعاون مع الشركات الوطنية والعالمية لتطوير ونقل التقنية العميقة.

تقوم هذه الشراكات أيضا بدور محوري في تطوير المهارات، وخلق الوظائف، وتحسين كفاءات القوى العاملة المتماشية مع احتياجات الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، تدعم هذه الشراكات تنمية النظام البيئي للشركات الناشئة وتطوير المراكز الإقليمية، والتي تعد ضرورية للتنشيط الاقتصادي والابتكاري.

تعزز العلاقات الدولية الاستراتيجية التي تم تعزيزها من خلال هذه الشراكات من جاذبية السعودية للمستثمرين الأجانب وترفع من تنافسيتها العالمية.

كل هذه الجهود ضرورية للمسامة في تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030، والتي تعد برفع مكانة السعودية كاقتصاد عالمي رائد.


nabilalhakamy@