برجس حمود البرجس

الحماية من الاحتيال المالي والهاكرز

الثلاثاء - 04 يونيو 2024

Tue - 04 Jun 2024

رغم التدابير الكبيرة والكثيرة التي عملت والتي حدت كثيرا من الاحتيال المالي واحتيال الهاكرز، ورغم الجهود التوعوية والتحذيرية منها، إلا أن هناك حالات تحايل تتم على فئات مختلفة من المجتمع، والسبب يعود إلى أن الضحية لا يستطيع تحصين نفسه من كل أنواع الاحتيالات المتغيرة، وفي الجهة الأخرى - المحتالون - ليسوا حرامية، بل مهندسي كمبيوتر ومهندسي برمجيات ومختصين بعادات ومتطلبات وحاجيات المجتمع.

نلقي باللوم على الضحية وضعف تمكنه من معرفة أساليب الاحتيال والحذر منها، ولكن هذا لن يحمي الضحايا وستزداد الحالات. العاملون على وضع التدابير للحماية مجتهدون، ولكن في نهاية المطاف، لم يتم تحصين الجميع، وهذا يلزمنا بتغيير معايير الحماية والتدابير والارتقاء بها إلى مستوى أعلى.

في منظومة الحماية التابعين لقطاعات مختلفة، يجب ألا نقف على من يرون بأن التدابير الحالية هي الأفضل، بل إن هناك معايير أعلى يجب الاستفادة منها، وكذلك أفضل الممارسات.

ويجب ألا نتوقف عند منسوبي الحماية الذين أخذوا فرصتهم، بل يجب أن نستعين بأدوات وأساليب مختلفة تماما، ويجب أن نستعين بعقول تفكر خارج الصندوق وبالعقول الشابة وبالهاكاثونات، حتى نصل إلى مستوى أعلى من الحالي والذي خدمنا كثيرا ولكنه لازال يتضمن ثغرات حيث إن المحتالين يغيرون من أساليبهم.

هناك شريحة يسمون بالوسطاء والذين بجهلهم يسلمون حساباتهم البنكية لمحتالين حقيقيين غالبا من خارج المملكة، لكي يمررون من خلالها تحويلات من حسابات الضحايا (أصحاب الأموال)، ومن ثم يحولونها للخارج. هؤلاء الوسطاء أيضا ضحايا، رغم أن القانون يصنفهم مدانين، والحقيقة أنهم ضحايا ويجهلون عواقب تسليم حساباتهم البنكية لآخرين، وهؤلاء أيضا بحاجة إلى مساعدتهم بالتوعية وبالحد من أفعالهم.

نحن بحاجة إلى معايير مختلفة لحماية المجتمع من الاحتيال المالي والتهكير باتخاذ تدابير مختلفة، وعلى سبيل طرح بعض الأفكار، يجب التركيز على حماية حسابات الضحايا الوسطاء بالحد من تحويلاتهم المالية خصوصا التحويلات الدولية.

لو ركزنا على هذا فقط، لأحبطنا غالبية الاحتيال المالي.

غالبا حسابات الضحايا الوسطاء، يتم إغراء أصحابها (بالعمل عن بعد) مقابل السماح لآخرين من خارج المملكة باستخدام حساباتهم البنكية للتحويلات من داخل المملكة من ضحايا، ومن ثم تحويلها لخارج المملكة.

هذه الحسابات غالبا حركتها ضعيفة، يدخلها أول الشهر راتب بسيط ويتم صرفها طوال الشهر، فيجب وضع تدابير تحد من أي تحويل دولي. تتبع أثرها بسيط، حسابات تستقبل أموالا من الداخل وتحولها للخارج وهي أكبر بكثير من حركة الحساب المعتادة.

يجب عن طريق الذكاء الاصطناعي تصنيف كل حساب بنكي لمعرفة حساباته الدائنة والمدينة ومعرفة ممارساته المعتادة للتحويلات المحلية والدولية والمشتريات الالكترونية عبر بطاقة الصرافة، وكذلك معرفة ممارساته المعتادة للحوالات البنكية. هذا التصنيف لكل حساب بنكي، يسهل عملية التدابير للتعامل مع مبادرات الحماية.

يجب الحد من أي عمليات تحويل أو مشتريات الكترونية عندما تكون خارجة عن ممارساته المعتادة، ويتحول الحساب إلى الحد الأدنى للتحويلات والمشتريات حتى يطلب صاحب الحساب من الفروع رفع هذا الحد بعد اطلاعه على التحذيرات. ربما وضع الحساب على الحد الأدنى للمشتريات والتحويلات لخارج المملكة وداخلها خصوصا للحسابات التي تصنف على أنها غير معتادة لهذه الممارسات.

أيضا الحسابات التي بها أرصدة كبيرة نسبيا، يجب الحد من التحويلات منها إذا كانت غير مصنفة لذلك، حتى يحضر صاحب الحساب للفرع ويقرأ التعليمات ويوافق على معرفته بها.

يفترض أن توضع حسابات الجميع على الحد الأدنى للسماح بالتحويلات والمشتريات حتى يجتاز صاحبها جلسة مناصحة ومشاهدة مقاطع مرئية لضحايا للتعريف بقصص التحايل.

أما بالنسبة لحسابات الضحايا الوسطاء، فيبدو الأمر سهلا، حيث إن الحد من تعاملاتهم البنكية للحد الأدنى يقضي على كثير من التحايل، حتى يثبت أحقية التحويلات. هذه حسابات غالبا حركتها المالية قليلة، فمن السهل منع أي تحويل لمبلغ كبير.

أيضا وعند تسجيل جهة تحويل جديدة، سواء كانت لبنك محلي أو دولي، فيجب تأخيرها ليومين أو ثلاثة، وتفتح بالحد الأدنى المسموح حتى يثبت عدم التحايل.

من جهة أخرى، يجب التنبيه عند النقر على أي رابط موقع الكتروني غير معتمد حسب بعض المعايير المعمولة بالذكاء الاصطناعي، وفي هذا التنبيه يوضح للمستخدم بأن هذا الرابط غير آمن.

أيضا يجب رصد أي رابط محتال خلال ساعات قليلة من ظهوره، وتعطيل هذه الروابط.

يجب على فرق الرصد على وسائل التواصل الاجتماعي سرعة التعرف على الإعلانات والردود الإعلانية واكتشاف إذا ما كان الإعلان احتيالي أو لا، وسرعة تعطيل رقم الواتس أب بتعطيل الرقم وتسجيله باسم خاص، ويسجل مجددا في الواتس أب، وبذلك يتعطل الواتس أب المحتال.

في الحقيقة هذه حسابات تعمل إعلانات بدون تراخيص وتستغل أسماء شركات محلية، ويمكن بسهولة التأكد من احتيالها بأكثر من طريقة تعطيلها خلال الساعات الأولى من ظهورها.

أخيرا، المحتالون بأنواعهم يبنون على حاجات الناس، فيستخدمون إعلانات لتوفير عمالة منزلية ورخص قيادة للمرأة وسداد قروض ويضعون أنفسهم وسطاء لطلب تمويل، حيث إن كثيرا من الناس لا يعرف إجراءات التقديم على القروض من بنك التنمية الاجتماعية على سبيل المثال.

محتالون يعرفون كيف يصطادون ضحاياهم، وأخيرا أذكر بأنهم يستخدمون مقاطع مرئية للمؤثرين المعروفين الموثوقين، للإعلان عن استثمار وهمي أو بيع منتج يحد من حجم استهلاك الكهرباء.

نحن أمام تحد جديد، ويتطلب الانتقال إلى مرحلة جديدة من الحماية، وهذا يتطلب الاستعانة بمفكرين ومبتكرين وهاكاثونيين وإجراءات مختلفة.

الحماية من الاحتيال يجب أن تواكب تطورات المحتالين.

Barjasbh@