شاهر النهاري

«الهلال الأحمر الدفاع المدني الصحة».. عيون إنسانية الحج

الاثنين - 03 يونيو 2024

Mon - 03 Jun 2024

ذكرياتي الخاصة أثناء مشاركاتي في مواسم حج متعددة، حسب تخصصي في طب الميدان، وهو علم تشغيل مستشفى صغير بأي إمكانات وتراكيب متوفرة.

وكنت لأعوام متعددة أشارك في أعمال لجنة إعداد خطط الطوارئ السنوية، تحت رعاية معالي وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، وبمشاركة 33 جهة حكومية أساسية، إضافة إلى جهات أخرى قد تتطلب المواقف مشاركتها بشكل جزئي، فتعمل اللجنة على دراسة ووضع الخطط الشاملة، والتأكيد على الأدوار والتدريب والتنفيذ قبل موسم الحج.

وأثناء المواسم كنت أشارك بتدريب وتحريك الفرق الطبية المتنقلة التابعة للخدمات الطبية للقوات المسلحة، والمرتبطة مباشرة مع غرفة القيادة المشتركة لمناسك الحج.

ولذلك فقد شهدت بعيني عظمة البنى التحتية، وجهود جميع المشاركين المبذولة أمنيا ومدنيا وتقنيا وتفاعليا وإنسانيا، وقد شاركت مع معظم هذه الجهات فيما يفعلونه بحرص وإبداع وحب، قبل ما يقارب عقدين من الزمان.

ولعلي هنا أسطر للتاريخ مشاعري ورأيي المتخصص في جهود تلك الجهات المشاركة، والتي كانت وما زالت تدهشني بعظمة ما تعمله من ترتيبات وجهود تسبق عصرها، في حفظ الأمن والسلامة، برؤية تتوسع وترتقي كما وكيفا موسما بعد موسم، ما يجعل وزارة الداخلية في مواسم الحج لا تنافس إلا ذاتها.

ومقولتي هذه لا تقلل من عمل بقية الجهات المشاركة بما يبدعون ويتقنون بأعين صقور، وقلوب آساد، ورحمة إخوة وأهل، متبارين في تقديم صور كرم إنساني سعودي يفوق كل التوقعات، ويحتوي كل القيم والمشاعر والترتيبات.

ولكني اليوم أريد الإشادة بأدوار ثلاث جهات حيوية إنسانية أعتبرها خلاصة التعامل الإنساني والباع الطويل والحاملة لمعظم جهود العمل الميداني المضني الرحيم، والذي قد لا يظهر للعين، شهادة حق بالمحسوس الملموس لمشاعر الحجيج ومهما اختلفت جنسياتهم وألسنتهم، وامتنانهم أو نكرانهم.

الأولى هي وزارة الصحة، التي تجهد وتبدع لجعل ملايين البشر في أمن صحي، وحماية من العدوى، وعناية، ورعاية، ومعالجة مجانية ربما لا يجدها الحاج في وطنه.

والثانية فدائية بطولات المديرية العامة للدفاع المدني، ضباط وأفراد يحملون قلوبهم على أكفهم، بقدرات وإمكانات وتقنيات هدفها سلامة الحجيج في سكنهم وتنقلاتهم، يبطلون الحرائق قبل قابسها، ورغم كل الزحام يتواجدون بسرعة البرق، وحمية وشيم نسور سعودية تحمي وترعى، وتنقذ، وتجعل الحج على القلوب بردا وسلاما.

والجهة الثالثة، هي هيئة الهلال الأحمر السعودي، المنتشرة خيوطها كالشمس عناية بين كل خيمة ومرفق وشارع، ومهما تباعدت الخطى، تجد حرصهم ومعرفتهم وتواصلهم وكفاءتهم وتدريبهم جهادا لإنجاح العمل على مدى الساعة، ينقذون المرضى، بأياديهم وسياراتهم وتجهيزاتهم، وطائراتهم العمودية إلى مشافي وزارة الصحة داخل وخارج المناسك.

أمام تلك الجهات الثلاث الميدانية الحريصة المبدعة يسكت أي كلام، ويتقزم المديح، وتنكسف الأقلام والعدسات، وتظهر تأتأة الألسن والأفواه، قبل تبجيلهم بالشعر والخطابة.

فثلاث تحيات إجلال وإكبار لقياداتها، ولكل عامل بسيط فيها، يعمل على تحسين تدريبه وتعليمه وقدرته على مسح الخلل، وجمع الصفوف وأداء واجبات تفتخر بها مملكة الإنسانية منذ ما يقارب قرنا من الزمان، وفي كل موسم نرى الأكثر والأمتن، والأحوط والأجمل، ورحمة مودة وحرص على حياة وراحة وصحة وسلامة ضيوف المشاعر المقدسة تتجدد وتبهر.

shaheralnahari@