وليد الزامل

جدة غير!!

السبت - 01 يونيو 2024

Sat - 01 Jun 2024

شاركت مؤخرا في أحد المؤتمرات العلمية المقامة في مدينة جدة وخلال زيارتي للمدينة حرصت على الإقامة في منطقة قريبة من واجهة جدة البحرية.

المدينة بدت في حالة حراك وتغير مستمر استجابة للتحولات العمرانية التي تشهدها المملكة العربية السعودية.

أكثر ما لفت نظري أن الواجهة البحرية أصبحت عامل جذب سياحي للمدينة حيث تقام فيها العديد من الفعاليات والمهرجانات الموسمية والمناشط السياحية. الواجهة البحرية هي منطقة مخصصة للمشي ومعزولة تماما عن حركة الآليات تمتد على مسافة تتجاوز 12 كيلو متر وتتضمن العديد من المرافق السياحية مثل النوافير والمجسمات الجمالية ومناطق ألعاب الأطفال.

وعلاوة على ذلك، تتضمن الواجهة البحرية مسارات للمشاة والدراجات ومناطق مخصصة للجلوس ومجموعة واسعة من المطاعم والمقاهي العالمية والمحلات التجارية. تعج المنطقة بالزوار من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها لا سيما مع اعتدال الأجواء.

يلفت نظرك وأنت تسير على طول المسار المخصص للمشي تلك المجسمات الفنية البديعة التي جعلت من الواجهة البحرية بمثابة متحف فني مفتوح. منطقة الواجهة البحرية غنية بأنواع مختلفة من الأشجار والشجريات النادرة كالصبار، والياسمين الهندي، واللوز البقري، والأكاسيا.

أما أشجار الجوز التي تتراقص مع نسائم البحر فهي حكاية أخرى تشعرك أنك تسير في مدينة لا تقل شأن عن أي مدينة ساحلية عالمية.

الجميل في الأمر أن الواجهة البحرية ليست مجرد منطقة ترفيهية معزولة عن سياقها الحضري؛ بل ترتبط فعليا بمسارات وجسور مشاة. يشكل ممشى الأمير فيصل بن فهد واحد من أهم روافد الواجهة البحرية ويتصل بمجموعة واسعة من الفنادق والحدائق وملاعب الأطفال والساحات الحيوية التي تقودك في نهاية المطاف إلى الواجهة البحرية.

الإقامة في منطقة قريبة من مسار الأمير فيصل بن فهد تشكل تجربة ملهمة للاستمتاع بالمشي لمسافات تمتد لأكثر من 5 كلم وبشكل معزول كليا عن حركة الآليات. يشكل هذا الممشى فرصة واعدة لخلق مزيد من المسارات الفرعية التي تتصل بالمناطق الحيوية والفنادق والأسواق.

في الحقيقة، أسهم مشروع تطوير وتحسين الواجهة البحرية في مدينة جدة بخلق بيئة سياحية جاذبة أكدت على رفع نصيب الفرد من المساحات الخضراء والمناطق المفتوحة.

كمتخصص في مجال التخطيط العمراني لدي اعتقاد راسخ أن التوجهات الحديثة للمدينة سوف تقود بلا شك إلى رفع تصنيف المدينة في سباق التنافسية العالمي مع الأخذ بعين الاعتبار بالمبادئ التالية:

أولا: تعزيز التكامل بين المناطق السياحية والحيوية في المدينة لتشكل في مجملها رحلة فريدة وملهمة للسياح والزوار من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها. من الأهمية بمكان أن تعمل المناطق الحيوية كمنظومة واحدة تخدم المدينة وليست كمشاريع مطورة ومتفردة.

ثانيا: تطوير مسارات مشاة موازية على طول امتداد الواجهة البحرية جهة الجنوب وربطها بمسارات فرعية معزولة عن حركة الآليات يمكن أن تتصل بمراكز الأحياء السكنية.

ثالثا: تعزيز قابلية المدينة للجذب السياحي وإيجاد آليه لتخفيض أسعار تذاكر السفر للمدينة التي تفوق في كثير من الأحيان نظيراتها من المدن خارج المملكة العربية السعودية.

وأخيرا، من الأهمية بمكان إدراك الموارد السياحية التي تتميز بها المدينة بما في ذلك المناطق التراثية والساحلية وتطوير البنية السياحية بشكل يستجيب للتنوع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.

هذا التطوير يجب أن يراعي مبدأ العدالة في التخطيط للخدمات والمرافق ويشمل ذلك تطوير دورات مياه عامة مجانية ودور إقامة وفنادق تتكيف مع التباين الاقتصادي للسكان.. باختصار، جدة غير!


waleed_zm@