أحمد صالح حلبي

مبادرة «طريق مكة».. راحة واطمئنان

الثلاثاء - 28 مايو 2024

Tue - 28 May 2024


القارئ لخدمات الحجاج عبر العصور والأزمان، والمتابع لها خلال العقود القليلة الماضية، يقف أمام العديد من التحولات التي شهدتها، بدءا من الإجراءات التي كانت عائقا أمام بعض الراغبين في الحج، أو غياب الأمن بالطرق ووسائل النقل البدائية، أو المساكن والمخيمات، وما كان من خدمات خلال العصور والأزمنة الماضية، وما أصبحنا نراه اليوم من أعمال وجهود تجعلنا نقف فخورين بما قدمته وتقدمه قيادة المملكة من إمكانيات، وما تبذله من جهود لتمكين حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم من أداء فريضتهم، والعودة لأوطانهم محملين بذكريات غالية ومواقف إنسانية لا تنسى.

كما حفظت المصادر التاريخية طرق الحج الرئيسة السبع، التي كان الحجاج يأتون عبرها، وتحدثت عن العلامات والمواقد التي توضح مسارها ليهتدي بها المسافرون، منذ بداية الدولة العباسية، و»أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال» أحجار المسافة «والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة المكرمة في عام 134هـ / 751م»، وطريق الكوفة / مكة المكرمة الذي يعد من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، وعرف بـ«درب زبيدة» نسبة إلى السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد التي أسهمت في عمارته فخلد ذكرها على مر العصور.

فمن المؤكد أنها ستدون عبر صفحاتها المعجزة السعودية في تحويل رحلة الحج من مشقة وعناء إلى راحة واطمئنان، عبر مبادرة «طريق مكة» التي أطلقت عام 1438هـ / 2017م كخطوة تجريبية أولى تم تنفيذها على 1500 حاج من حجاج ماليزيا، وتتضمن أخذ الخصائص الحيوية للحجاج، وفرز وترميز أمتعتهم، وإنهاء إجراءات دخولهم للمملكة من بلادهم، وتخصيص صالة وصول لهم، وتسليم أمتعتهم في مقار سكنهم دون الحاجة الى انتظارها في محطة الوصول بالمملكة.

وأخذت المبادرة طريقها في التوسع عاما تلو آخر، فتم في عام 1439هـ 2018م، تطبيقها على كامل حجاج ماليزيا، وإضافة حجاج إندونيسيا لها، تلا ذلك في عام 1440هـ / 2019م، إضافة حجاج باكستان وبنجلاديش؛ ليكون إجمالي عدد الدول أربع هي: ماليزيا، إندونيسيا، تونس، بنجلاديش.

وتوقفت المبادرة عامي 1441هـ / 2020م ، و 1442هـ / 2021، بسبب جائحة كورونا، ثم عادت للتطبيق عام 1443هـ / 2022م، بإضافة المملكة المغربية كأول دولة من شمال أفريقيا وتحديدا من شمالها، لتدخل بعد ذلك في عام 1444هـ / 2023م كل من تركيا دولة تجمع بين آسيا وأوروبا، وكوت ديفوار - ساحل العاج - كدولة من غرب أفريقيا، وبهذا تصبح المبادرة مطبقة على حجاج كل من ماليزيا، إندونيسيا، باكستان، بنجلاديش، المغرب، كوت ديفوار - ساحل العاج -.

أهداف المبادرة تتمثل في التيسير على حجاج بيت الله الحرام، والقضاء على من مشكلة الانتظار في محطة الوصول لإنهاء إجراءات الجوازات، واستلام الأمتعة، إذ تم القضاء على هذه الإشكالية من خلال مبادرة «طريق مكة» التي ينهي فيها الحاج إجراءات دخوله للمملكة من مطار دولته.

فيما يتم فرز وترميز الأمتعة من محطة المغادرة أيضا بواسطة فريق مختص في الصالة المخصصة للمبادرة في مطار المغادرة، حيث يتولى فرز الأمتعة ووضع الملصقات التي تحتوي بيانات الرحلة ومعلومات عن الحجاج وأماكن سكنهم، إضافة إلى ملصق على غلاف جواز السفر، وإعطاء الحاج بطاقة تحمل المعلومات المدونة على أمتعته نفسها.

وعند وصول الحجاج إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة أو مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة، ينتقلون مباشرة إلى الحافلات المخصصة لهم لإيصالهم إلى مقار إقامتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة فيما تتولى قطاعات أخرى إيصال أمتعتهم إلى مساكنهم.

من خلال أجهزة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي يتم تيسير كافة الخدمات للحجاج بتوظيف التكنولوجيا وتطوير الخوارزميات والتقنيات الحديثة، التي تستخدمها الجهات المشاركة في المبادرة وهي: وزارة الخارجية، وزارة الصحة، وزارة الإعلام، وزارة الحج والعمرة، الهيئة العامة للطيران المدني، هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، الهيئة العامة للذكاء، المديرية العامة للجوزات، لتكون النتيجة غياب العناء والمشقة التي كانت تواجه ضيوف الرحمن، وجعل أداء فريضة الحج ميسرة.



ahmad_helali@