حجاز مصلح

التعصب الرياضي.. من المسؤول؟

الأربعاء - 22 مايو 2024

Wed - 22 May 2024

بعد موسم طويل، يقترب المشهد الكروي السعودي من نهايته هذا العام.

انحسم للتو الدوري السعودي للمحترمين قبل عدة جولات من موعده ولم يتبق سوى حسم بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين وتتويج الفريق الفائز.

استمرت الدراما الرياضية السعودية خلال هذا الموسم فكانت هناك عواطف تتأرجح بين الفرح والحزن، مشاعر غضب تحدث فجأة ثم تعقبها سعادة كبيرة.

ليس من السهل أن يكون الشخص من مشجعي كرة القدم في المملكة.

يمكن أن يهتم الفرد بشؤونه الخاصة طوال الموسم، يشجع فريقه، ويشاهد الألعاب الرياضية كما ينبغي مشاهدتها، حتى يتعثر فريقه المفضل على طول الطريق.

ثم لا يبقى أمامه خيار سوى مواجهة الحقيقة المرة؛ على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، وهاتفه، وخلال فترة طويلة من ساعات عمله بعد خسارة فريقه، سيتم قصفه بجميع أنواع النكات التي تم اختراعها على الإطلاق.

إنه طريق غير محمود. لقد رأيت الكثير من الصداقات المفقودة بسبب هذه الممارسات، والأسوأ من ذلك، أن تمتد لتؤثر على الروابط العائلية فتصبح متوترة في بعض الأحيان وتكاد أن تنكسر بسبب سخافة التعصب الرياضي.

وبينما كانت الرياضة مغلفة دائما بتلك الشعارات الحالمة للمنافسة العادلة، والسعي النبيل لتحقيق الفوز، والشرف، والعمل الجماعي، فإن ما يحدث بين المشجعين لا علاقة له بهذه الشعارات.

وعلى أرض الواقع، فهو ميدان مليء بالسخرية والتمييز والتنميط وضحالة الإحساس بالاحترام والمسؤولية.

توضح بعض الدراسات النفسية أن مشاعر الارتباط القوي تجاه الفريق المفضل لدى الفرد ترضي غريزة الانتماء الأساسية لدى الشخص.

فنحن بحاجة إلى معرفة أننا ننتمي إلى مجموعة أكبر يمكن التعرف عليها، ونود أن نجتمع معا لنحلم ونتشارك نفس الهدف.

ونتحدث هنا عن الروابط البشرية التي تخلقها هذه الرياضة حولها بالشعور بالاتصال مع أناس لانعرف حتى أسماءهم ونعتبر أننا ننتمي إليهم.

لا أستطيع شخصيا فهم المشاعر التي يشعر بها بعض المشجعين تجاه أنصار الفريق الخصم.

تشير بعض الدراسات إلى أن الناس لديهم ميول داخلية مكبوتة للعنف، والرياضة هي ساحة معقولة لظهور هذه الميول ونموها.

ولسوء الحظ، فهي ظاهرة عالمية؛ أينما توجد فرق رياضية ومشجعون، يوجد هناك تعصب.

إن الدرجة التي يظهر بها التعصب علنا هي الشيء الوحيد الذي يختلف. وفي المملكة، الوضع يزداد من موسم إلى آخر.

ومما يزيد الطين بلة أن الروح الرياضية قد تخلى عنها من ينبغي أن يعتنقها ويروج لها، مما يؤثر على الجماهير.

أنا أتحدث عن شخصيات إعلامية رياضية وبعض رؤساء الأندية المحلية.

إن معظم برامجنا الرياضية ومقابلاتنا وبيانات العلاقات العامة لدينا تشجع التعصب بطريقة أو بأخرى، إن لم يكن بطريقة مباشرة وصريحة، فبطريقة مقنعة.

المعجبون الذين يشاهدون مثل هذه البرامج ويستمعون لمثل هذه المقابلات يصبحون مشحونين بجرعة كبيرة من السلبية، في انتظار اللحظة المناسبة لتفريغها بشكل ما.

من أشكال التعصب الرياضي: إذا فزت باللقب فأنت لا تستحقه، فمن المؤكد أنه تم شراء الحكام والمنافسين ليمهدوا لك طريق النجاح؛ الحكم يحمل نفس جنسية مدرب الفريق الآخر، لابد من وجود شيء مريب هناك؛ وإذا أراد أحد اللاعبين ترك الفريق لمنافسه، فلن يحدث ذلك أبدا، فلنجعل حياته بائسة ويفضل إنهاء مسيرته قبل أن تبدأ حتى.

قامت الجهات الرسمية في المملكة العربية السعودية مشكورة بجهود كبيرة لمحاربة هذه الممارسات من خلال عمل ضوابط ولوائح وأنظمة تجاه أي تجاوزات أو طرح مسيء عبر منصات الإعلام المختلفة من شأنه أن يؤجج التعصب ويضاعف الاحتقان ويخرج المنافسة الرياضية عن مسارها الذي تهدف إليه وإيقاع الجزاءات والعقوبات واتخاذ ما يلزم.

كما كفلت في المقابل حرية النقد البناء دون إساءة أو تجريح.

أخيرا، إن التعصب يسمم بيئتنا الرياضية، والمخرج هو الرقابة الصارمة على كل الأفعال التي تشجع مثل هذا السلوك.

باعتبارك إعلاميا، أو مديرا للنادي، أو حتى أبا لديه أطفال يظهرون اهتماما بالرياضة، فإنك تتحمل مسؤولية غرس تلك القيم النبيلة التي يجب أن تمثلها الرياضة في قلوب أطفالك أو مشجعيك.

لا مجال للكراهية لتعيش وتنمو في بيئة رياضية صحية، الرياضة يجب أن تجمعنا معا، لا أن تفرقنا.

hijazmusleh@