واحد سفري.. سياحة!
السبت - 18 مايو 2024
Sat - 18 May 2024
في القضايا الصحية يرى البعض أن التسمم الغذائي ظاهرة عالمية، بينما ينادي البعض بتشديد العقوبات وتعويض المتضررين وذويهم إذا بلغ الأمر درجة الخطر كوصول الإصابة إلى التنويم في المستشفى أو في قسم العناية المركزة أو الوفاة لا سمح الله.. إذن هو الغذاء وجودته!
مما لا جدال فيه أن قطاع المطاعم والمقاهي هو أحد الواجهات السياحية المهمة في أي مدينة في العالم؛ فالأشخاص كثيرو التجوال والأسفار يرمزون لرحلاتهم في كل بلدة بصورة مقهى قديم أو مطعم متميز، ومن نافل القول أن الكثير من عواصم السياحة تميزت بالعديد من المطاعم الشهيرة التي أصبحت أيقونات ومعالم سياحية يقصدها كل عشاق السفر عالميا، ومحليا يفرض إيقاع الحياة السريع والظروف الحياتية على الكثير من الأسر الاعتماد على المطاعم توفيرا للوقت والجهد، وقد لا يختلف أغلبية الناس على أن بعضا من سحر الحياة تختزله وجبة شهية ممتعة؛ فمن الطبيعي أن نرى اهتماما كبيرا للمجتمع بمتابعة التفاصيل كما يحصل حين يذاع خبر حادثة تسمم غذائي هنا أو هناك في المطاعم الشهيرة؛ فالصحة عمود الوجود.
في ضفة معالي الحكمة يمكنك تجاوز منعطف الداء إذا أحسنت السير في مسار الغذاء، ومن أكثر الأطعمة تعرضا للتلوث في قطاع الأغذية عادة الفواكه والخضراوات والبطاطا المطهية في ورق الألمنيوم والصلصات والأسماك، والأمراض المنقولة عن طريق الأغذية لها أسباب شتى كانتهاء الصلاحية أو انخفاض جودة المنتجات أو عدم الالتزام بالشروط المحددة في التعليب والطهي والتخزين.
وفي علوم الطب بعض أنواع التسمم الغذائي يكون نادرا إنما قد يكون مميتا؛ فقد يعرض الإنسان لتبعات صحية قاسية تلازمه مدى الحياة كتلف الرئة وعدم القدرة على النطق والبلع أو الإعاقة الدائمة كالإصابة بالشلل في أعصاب الدماغ وعضلات التنفس مما يتطلب البقاء على أجهزة التنفس الصناعي، النتيجة أن من أضرار التسمم ما يغير مسار الحياة بشكل جذري ويوقع المصاب وذويه في خضم المواجهة مع عواقب طبية واقتصادية ونفسية خطيرة كما قد تصل العواقب إلى الوفاة.. لا قدر الله.
هذا الأمر يرفع الراية للمشرع وأهل القانون وشركات التأمين لطرح النقاش عن أهمية التعويض لضحايا التسمم الغذائي وسن الآليات الضامنة التي تحفظ الحقوق للمتضررين في ظل المستجدات السلبية بما يكفل لهم ولذويهم حياة أفضل، ويكون السؤال البارز هنا: هل يمكن للمصاب أن يسترد عافيته وكيف؟ وما هي المدة التي سيقضيها المتضرر للعودة إلى الحياة الطبيعية؟
الحوادث الكبرى لا تقع صدفة أبدا، الإهمال والتجاهل يزيدان تعقيد المشاكل ويضاعفان الخسائر، مثلا تقييمات قوقل كنز مجاني فكل حرف يكتبه العميل قد يكون جرس إنذار.. هنا يكون إهمال التعليقات وعدم الاستجابة الفورية والتصحيح هو كقرار السير بالمنشأة على الطريق السريع إلى الإفلاس، وفي المقابل يعطي ذلك الناس رسالة ضمنية بأن آراءهم وتجاربهم غير مهمة مما يقوض ثقة العملاء القدماء ويحد من قدرة المنشأة على استقطاب العملاء الجدد ويلقي بظلاله القاتمة على قيمة العلامة التجارية بأسرها؛ فالالتزام بتطوير الجودة هو حجر الزاوية للاستدامة.. نعم.. الاحترافية مجهدة لكنها مثمرة!
القفزة التاريخية في القطاع السياحي تؤكدها الأرقام التي تعكس تجاوز معايير الأداء عن المستهدفات ففي عام 2023 تبوأت المملكة المركز الأول في مجموعة العشرين والمركز الثاني عالميا في نسبة نمو عدد السياح في سوق السفر العالمي، وقطاع المطاعم رافد أساسي للسياحة والاقتصاد الوطني والإنفاق الأسبوعي على قطاع «الأطعمة والمشروبات» كان الأعلى في الأسابيع الثمانية الأخيرة وبلغت قيمته (2.4) مليار ريال وفقا لصحيفة الاقتصادية، ويحظى بأعلى مستوى من الرقابة الدقيقة على بيئة العمل والنظافة الشخصية للعمالة والموظفين وجودة وصلاحية المواد الغذائية واستيفاء الشروط العالمية في تجهيز الأطعمة والحفظ والتخزين واستمراريتها ضمن الإطار النظامي الذي تقوده أمانات وبلديات المدن بكل جدارة من خلال (إدارة) صحة البيئة، وهذا يتجلى للقاصي والداني في المنهجية الحازمة في قضية (التسمم الوشيقي) الشهيرة - فقد قامت الأمانة مشكورة على وجه السرعة باتخاذ كل القرارات المهمة مع إصدار بيانات توضيحية لم تترك مساحة للضبابية والقلق في المجتمع، وتمثل ذلك عمليا عند رصد لجنة الاستقصاء الوبائي للواقعة - فقد حملت المنشأة المتسببة المسؤولية وعليه وجهت بإتلاف كامل الكميات المملوكة لها من المواد الغذائية مع إجراء عملية تنظيف وتطهير لجميع الفروع والمعمل الرئيس وحصر الغرامات المستحقة ضد المنشأة.
براجماتيا تقاس قوة السلسلة بأضعف حلقاتها؛ فكل حلقة في السلسلة قد تسقطها وأضعف حلقة تحدد مصير المنظومة بأكملها فإما التفوق والنجاح والاستدامة أو التعثر والفشل والخروج من السوق، وإذا كان من لا يخطئ أبدا فهو لا يعمل إنما يجدر بالتاجر أخذ العثرات إلى قائمة الدروس والعبر، ومن الأبجديات المهنية استشعار مالك المطعم أو المنشأة المتسببة بالضرر لحالة المتضررين وتحمل المسؤولية المباشرة والمجتمعية ويتمركز ذلك في التكافل الإنساني كالتعاطف الحقيقي وزيارة ومساندة العملاء المرضى وذويهم، ويظل تحسين السمعة واستعادة الصورة الإيجابية أمرا يتطلب الكثير من المراجعة والتصحيح والمراقبة والمتابعة المستمرة لوقت طويل.
وأولا يأتي أولا.. فعند منعطف الأولويات تأتي أهمية التعويض المالي.. والنقاش في هذه المسألة يمكن أن يكون بالتعاون مع شركات التأمين لتصميم نماذج بوالص جديدة تتضمن تغطية شاملة كاملة للعملاء سواء من المطعم أو الموردين وضد الغير كما في حوادث السيارات وهذا قد يكون من الطروحات العملية - فرفع الضرر الصحي والمادي والنفسي للمصابين وعائلاتهم محور إنساني أخلاقي حيوي، ومن رحم التحديات تولد العبقرية!
فأثناء كتابة هذا المقال ابتكرت المملكة منظومة رقمية وجهت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان المطاعم بتطبيق (نظام تتبع الطعام الرقمي) من منطلق مبادر ومسؤول لتسريع مصادرة أي مواد غذائية غير مطابقة لمعايير السلامة والجودة لكافة مكونات الوجبة الغذائية والتغليف.. وحين أظهرت الفحوصات وجود منتج ملوث بالبكتيريا المسببة لنفس التسمم - اتخذت الوزارة إجراءات إضافية بإيقاف توزيعه وسحبه من الأسواق والمنشآت الغذائية في كافة أنحاء المملكة بشكل فوري مع إيقاف المصنع تهيئة لتطبيق الإجراءات النظامية.. وكل هذا يعكس اهتمام القيادة الرشيدة ففي الصحة العامة المعايير الصارمة التي تخص حياة الإنسان غير قابلة للتفاوض في مملكة الإنسانية.. (منهج قيادة).
@RimaRabah
مما لا جدال فيه أن قطاع المطاعم والمقاهي هو أحد الواجهات السياحية المهمة في أي مدينة في العالم؛ فالأشخاص كثيرو التجوال والأسفار يرمزون لرحلاتهم في كل بلدة بصورة مقهى قديم أو مطعم متميز، ومن نافل القول أن الكثير من عواصم السياحة تميزت بالعديد من المطاعم الشهيرة التي أصبحت أيقونات ومعالم سياحية يقصدها كل عشاق السفر عالميا، ومحليا يفرض إيقاع الحياة السريع والظروف الحياتية على الكثير من الأسر الاعتماد على المطاعم توفيرا للوقت والجهد، وقد لا يختلف أغلبية الناس على أن بعضا من سحر الحياة تختزله وجبة شهية ممتعة؛ فمن الطبيعي أن نرى اهتماما كبيرا للمجتمع بمتابعة التفاصيل كما يحصل حين يذاع خبر حادثة تسمم غذائي هنا أو هناك في المطاعم الشهيرة؛ فالصحة عمود الوجود.
في ضفة معالي الحكمة يمكنك تجاوز منعطف الداء إذا أحسنت السير في مسار الغذاء، ومن أكثر الأطعمة تعرضا للتلوث في قطاع الأغذية عادة الفواكه والخضراوات والبطاطا المطهية في ورق الألمنيوم والصلصات والأسماك، والأمراض المنقولة عن طريق الأغذية لها أسباب شتى كانتهاء الصلاحية أو انخفاض جودة المنتجات أو عدم الالتزام بالشروط المحددة في التعليب والطهي والتخزين.
وفي علوم الطب بعض أنواع التسمم الغذائي يكون نادرا إنما قد يكون مميتا؛ فقد يعرض الإنسان لتبعات صحية قاسية تلازمه مدى الحياة كتلف الرئة وعدم القدرة على النطق والبلع أو الإعاقة الدائمة كالإصابة بالشلل في أعصاب الدماغ وعضلات التنفس مما يتطلب البقاء على أجهزة التنفس الصناعي، النتيجة أن من أضرار التسمم ما يغير مسار الحياة بشكل جذري ويوقع المصاب وذويه في خضم المواجهة مع عواقب طبية واقتصادية ونفسية خطيرة كما قد تصل العواقب إلى الوفاة.. لا قدر الله.
هذا الأمر يرفع الراية للمشرع وأهل القانون وشركات التأمين لطرح النقاش عن أهمية التعويض لضحايا التسمم الغذائي وسن الآليات الضامنة التي تحفظ الحقوق للمتضررين في ظل المستجدات السلبية بما يكفل لهم ولذويهم حياة أفضل، ويكون السؤال البارز هنا: هل يمكن للمصاب أن يسترد عافيته وكيف؟ وما هي المدة التي سيقضيها المتضرر للعودة إلى الحياة الطبيعية؟
الحوادث الكبرى لا تقع صدفة أبدا، الإهمال والتجاهل يزيدان تعقيد المشاكل ويضاعفان الخسائر، مثلا تقييمات قوقل كنز مجاني فكل حرف يكتبه العميل قد يكون جرس إنذار.. هنا يكون إهمال التعليقات وعدم الاستجابة الفورية والتصحيح هو كقرار السير بالمنشأة على الطريق السريع إلى الإفلاس، وفي المقابل يعطي ذلك الناس رسالة ضمنية بأن آراءهم وتجاربهم غير مهمة مما يقوض ثقة العملاء القدماء ويحد من قدرة المنشأة على استقطاب العملاء الجدد ويلقي بظلاله القاتمة على قيمة العلامة التجارية بأسرها؛ فالالتزام بتطوير الجودة هو حجر الزاوية للاستدامة.. نعم.. الاحترافية مجهدة لكنها مثمرة!
القفزة التاريخية في القطاع السياحي تؤكدها الأرقام التي تعكس تجاوز معايير الأداء عن المستهدفات ففي عام 2023 تبوأت المملكة المركز الأول في مجموعة العشرين والمركز الثاني عالميا في نسبة نمو عدد السياح في سوق السفر العالمي، وقطاع المطاعم رافد أساسي للسياحة والاقتصاد الوطني والإنفاق الأسبوعي على قطاع «الأطعمة والمشروبات» كان الأعلى في الأسابيع الثمانية الأخيرة وبلغت قيمته (2.4) مليار ريال وفقا لصحيفة الاقتصادية، ويحظى بأعلى مستوى من الرقابة الدقيقة على بيئة العمل والنظافة الشخصية للعمالة والموظفين وجودة وصلاحية المواد الغذائية واستيفاء الشروط العالمية في تجهيز الأطعمة والحفظ والتخزين واستمراريتها ضمن الإطار النظامي الذي تقوده أمانات وبلديات المدن بكل جدارة من خلال (إدارة) صحة البيئة، وهذا يتجلى للقاصي والداني في المنهجية الحازمة في قضية (التسمم الوشيقي) الشهيرة - فقد قامت الأمانة مشكورة على وجه السرعة باتخاذ كل القرارات المهمة مع إصدار بيانات توضيحية لم تترك مساحة للضبابية والقلق في المجتمع، وتمثل ذلك عمليا عند رصد لجنة الاستقصاء الوبائي للواقعة - فقد حملت المنشأة المتسببة المسؤولية وعليه وجهت بإتلاف كامل الكميات المملوكة لها من المواد الغذائية مع إجراء عملية تنظيف وتطهير لجميع الفروع والمعمل الرئيس وحصر الغرامات المستحقة ضد المنشأة.
براجماتيا تقاس قوة السلسلة بأضعف حلقاتها؛ فكل حلقة في السلسلة قد تسقطها وأضعف حلقة تحدد مصير المنظومة بأكملها فإما التفوق والنجاح والاستدامة أو التعثر والفشل والخروج من السوق، وإذا كان من لا يخطئ أبدا فهو لا يعمل إنما يجدر بالتاجر أخذ العثرات إلى قائمة الدروس والعبر، ومن الأبجديات المهنية استشعار مالك المطعم أو المنشأة المتسببة بالضرر لحالة المتضررين وتحمل المسؤولية المباشرة والمجتمعية ويتمركز ذلك في التكافل الإنساني كالتعاطف الحقيقي وزيارة ومساندة العملاء المرضى وذويهم، ويظل تحسين السمعة واستعادة الصورة الإيجابية أمرا يتطلب الكثير من المراجعة والتصحيح والمراقبة والمتابعة المستمرة لوقت طويل.
وأولا يأتي أولا.. فعند منعطف الأولويات تأتي أهمية التعويض المالي.. والنقاش في هذه المسألة يمكن أن يكون بالتعاون مع شركات التأمين لتصميم نماذج بوالص جديدة تتضمن تغطية شاملة كاملة للعملاء سواء من المطعم أو الموردين وضد الغير كما في حوادث السيارات وهذا قد يكون من الطروحات العملية - فرفع الضرر الصحي والمادي والنفسي للمصابين وعائلاتهم محور إنساني أخلاقي حيوي، ومن رحم التحديات تولد العبقرية!
فأثناء كتابة هذا المقال ابتكرت المملكة منظومة رقمية وجهت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان المطاعم بتطبيق (نظام تتبع الطعام الرقمي) من منطلق مبادر ومسؤول لتسريع مصادرة أي مواد غذائية غير مطابقة لمعايير السلامة والجودة لكافة مكونات الوجبة الغذائية والتغليف.. وحين أظهرت الفحوصات وجود منتج ملوث بالبكتيريا المسببة لنفس التسمم - اتخذت الوزارة إجراءات إضافية بإيقاف توزيعه وسحبه من الأسواق والمنشآت الغذائية في كافة أنحاء المملكة بشكل فوري مع إيقاف المصنع تهيئة لتطبيق الإجراءات النظامية.. وكل هذا يعكس اهتمام القيادة الرشيدة ففي الصحة العامة المعايير الصارمة التي تخص حياة الإنسان غير قابلة للتفاوض في مملكة الإنسانية.. (منهج قيادة).
@RimaRabah