تجميل ومكياج وجوه شريعة إسلام الغد
الاثنين - 13 مايو 2024
Mon - 13 May 2024
المراكز الإسلامية بقياداتها السلفية من كبار علماء، وجامعات ومراكز بحوث ظلت ثابتة على مواقفها الفقهية، مهما استجدت المفاهيم المدنية العصرية في حياة المسلمين، بنصوص التراث القديم، الذي يعجز حتى عن التبرؤ من أعمال الجماعات الإرهابية السنية والشيعية، ومهما اقترفت من مجازر وتفجيرات وغزو وسبي وسلب، ما شجع بعض العقول للمبادرة بصنع وجوه جديدة للشريعة وإبداع مكياجها لتخطي مناطق الحرج، ومجاراة المستجدات الفكرية والتطورات وكيفية التعامل مع المختلف.
ومنذ مؤتمر باريس1932، لحوار الأديان وما تلاه من مؤتمرات ناقشت متطلبات حقوق الإنسان ظل يظهر للإسلام وجهان متباينان، سلفي متزمت للداخل، وآخر مترق «كيوت» يصافح الخارج بانتقاء آيات وأحاديث بعينها، وتهميش أخرى حسب حساسية النقاش وأهدافه وشخوصه.
ثاني الوجوه ما حدث مؤخرا في مراكز إسلامية بالبلدان الأجنبية مثل ألمانيا وأستراليا وكندا وغيرها، بابتداع وجوه إسلامية عصرية تسمح بإمامة المرأة للرجال، وتستقبل المثليين، وما عداها مسايرة لواقع مفروض.
وثالث الوجوه ما حاولت دولة عربية صنعه بعجن الديانات السماوية الثلاث، وخبزها بنفس القالب مع البوذية والهندوسية والبهائية والمندائية والصابئة والزرادشتية وغيرها تحت مسمى الديانات الإبراهيمية.
ورابعها ما ساد عند طبقات الشباب الباحثين عن الحلول العقلانية الناجعة، فوجدوا بأفكار القرآني محمد شحرور ومن على نهجه ضالتهم، بوجوه تفسيرات تتلاعب بمعاني المفردات العربية، وتهمش الأحاديث، والسيرة النبوية، مظهرين قمة الخجل من تراثهم الديني المنقول، وطموح أحلامهم لتفصيل ديانات جديدة على مقاسهم.
وخامس الوجوه وأحدثها ما تم تدشينه 4 مايو 2024 بمؤتمر ومؤسسة «تكوين» وبنقل قناة رسمية من المتحف المصري، بقيادة الإعلامي إبراهيم عيسى، والقرآني إسلام البحيري، بالإضافة للروائي يوسف زيدان، وعدد من الكتاب العرب، المشهور عنهم إجادة عمليات الترقيع والتهرب والتجميل، والانتقائية الخيالية لصنع وجه شريعة معدل، يعارض نهج أغلبية المراكز والجامعات والفرق الإسلامية، وبسعي جاد للتغيير بنوايا منفتحة على الزاوية المنفرجة مع المخالفين والملحدين، ما سيرضي عقول التجميليين ويؤثر على كينونة أجيال شباب يتوقون لسلام داخلي مع المعتقد.
معضلات الشريعة الإسلامية وتعارضها مع الجديد والمنطق قديمة، ومحاولات التجديد بدأتها فرقة المعتزلة في بداية القرن الثاني الهجري بالحسن والتقبيح، وهي تستمر إلى يومنا بوجوه فلسفة وعلوم كلام، وحروب فكرية يعاظم من بروزها تصلب الفكر المؤسسي، وعجزه عن مواجهة الواقع والفكر ومعالجة العيوب، بما تمليه تطورات العصور.
وفي وقتنا الحاضر رسخت مواقع التواصل وجود الخلل الدائم، وتزايد تعداد الفرق الإسلامية يوما عن يوم، وكل يدعي الحق والوسطية.
قبل عقدين من الزمان لم نكن نلمح وجوه التعديل والتجميل علانية تبعا لخشية عقوبات ازدراء الإسلام، وكان الإعلام لا يملك أن يحاور أو يستوعب المخالف، سواء كان له نظرة إصلاحية أو ترقيعية، أو كان ملحدا، ولكن الأوضاع اليوم تختلف بهيمنة الإنترنت وبلبلتها، بأصوات جديدة ترغب في تفصيل ديانات على مقاسها، بمجرد افتتاح مواقع حوارية على قنوات التواصل، وعلى قدر إمكاناتهم بالبيان والمنطق والتبحر في التراث وقدرة التلاعب يحدثون الأثر.
الحروب الدينية مغبات تراجيديا شرسة وأثمانها أوطان ودماء وتخلف شعوب، والتراث يظل ثابتا مستعاد، ما يرفع درجات حمى التناقض، والوجوه الجديدة تستمر بعمليات تجميل وتبرج مرحلية.
shaheralnahari@
ومنذ مؤتمر باريس1932، لحوار الأديان وما تلاه من مؤتمرات ناقشت متطلبات حقوق الإنسان ظل يظهر للإسلام وجهان متباينان، سلفي متزمت للداخل، وآخر مترق «كيوت» يصافح الخارج بانتقاء آيات وأحاديث بعينها، وتهميش أخرى حسب حساسية النقاش وأهدافه وشخوصه.
ثاني الوجوه ما حدث مؤخرا في مراكز إسلامية بالبلدان الأجنبية مثل ألمانيا وأستراليا وكندا وغيرها، بابتداع وجوه إسلامية عصرية تسمح بإمامة المرأة للرجال، وتستقبل المثليين، وما عداها مسايرة لواقع مفروض.
وثالث الوجوه ما حاولت دولة عربية صنعه بعجن الديانات السماوية الثلاث، وخبزها بنفس القالب مع البوذية والهندوسية والبهائية والمندائية والصابئة والزرادشتية وغيرها تحت مسمى الديانات الإبراهيمية.
ورابعها ما ساد عند طبقات الشباب الباحثين عن الحلول العقلانية الناجعة، فوجدوا بأفكار القرآني محمد شحرور ومن على نهجه ضالتهم، بوجوه تفسيرات تتلاعب بمعاني المفردات العربية، وتهمش الأحاديث، والسيرة النبوية، مظهرين قمة الخجل من تراثهم الديني المنقول، وطموح أحلامهم لتفصيل ديانات جديدة على مقاسهم.
وخامس الوجوه وأحدثها ما تم تدشينه 4 مايو 2024 بمؤتمر ومؤسسة «تكوين» وبنقل قناة رسمية من المتحف المصري، بقيادة الإعلامي إبراهيم عيسى، والقرآني إسلام البحيري، بالإضافة للروائي يوسف زيدان، وعدد من الكتاب العرب، المشهور عنهم إجادة عمليات الترقيع والتهرب والتجميل، والانتقائية الخيالية لصنع وجه شريعة معدل، يعارض نهج أغلبية المراكز والجامعات والفرق الإسلامية، وبسعي جاد للتغيير بنوايا منفتحة على الزاوية المنفرجة مع المخالفين والملحدين، ما سيرضي عقول التجميليين ويؤثر على كينونة أجيال شباب يتوقون لسلام داخلي مع المعتقد.
معضلات الشريعة الإسلامية وتعارضها مع الجديد والمنطق قديمة، ومحاولات التجديد بدأتها فرقة المعتزلة في بداية القرن الثاني الهجري بالحسن والتقبيح، وهي تستمر إلى يومنا بوجوه فلسفة وعلوم كلام، وحروب فكرية يعاظم من بروزها تصلب الفكر المؤسسي، وعجزه عن مواجهة الواقع والفكر ومعالجة العيوب، بما تمليه تطورات العصور.
وفي وقتنا الحاضر رسخت مواقع التواصل وجود الخلل الدائم، وتزايد تعداد الفرق الإسلامية يوما عن يوم، وكل يدعي الحق والوسطية.
قبل عقدين من الزمان لم نكن نلمح وجوه التعديل والتجميل علانية تبعا لخشية عقوبات ازدراء الإسلام، وكان الإعلام لا يملك أن يحاور أو يستوعب المخالف، سواء كان له نظرة إصلاحية أو ترقيعية، أو كان ملحدا، ولكن الأوضاع اليوم تختلف بهيمنة الإنترنت وبلبلتها، بأصوات جديدة ترغب في تفصيل ديانات على مقاسها، بمجرد افتتاح مواقع حوارية على قنوات التواصل، وعلى قدر إمكاناتهم بالبيان والمنطق والتبحر في التراث وقدرة التلاعب يحدثون الأثر.
الحروب الدينية مغبات تراجيديا شرسة وأثمانها أوطان ودماء وتخلف شعوب، والتراث يظل ثابتا مستعاد، ما يرفع درجات حمى التناقض، والوجوه الجديدة تستمر بعمليات تجميل وتبرج مرحلية.
shaheralnahari@