إسماعيل محمد التركستاني

تجري الرياح بما لا تشتهيه..

السبت - 11 مايو 2024

Sat - 11 May 2024

بدايات تطبيقات الواقع الافتراضي (بالنسبة لي)، كانت مع تلك اللعبة الكهربائية التي انتشرت في تسعينات القرن الماضي، لعبة الغرفة المظلمة التي يكون فيها صفوف من الكراسي المتجاورة، تدخل تلك الغرفة، يتم إطفاء النور، يتم تشغيل شاشة أمامك تعرض مشهدا افتراضيا لعمليات سقوط أو طيران، فيخيل لك مع حركة الكرسي الذي تقعد عليه، أنك تتحرك مع تلك المشاهد في جو افتراضي.

هناك مقطع جميل في موقع اليوتيوب لأيقونة الفكاهة الإنجليزية الممثل روان اتكنسون المشهور بـ(Mr Been) وهو يدخل إلى تلك الغرفة وتحدث له مواقف طريفة. نعم، كانت تلك البدايات المبسطة لتطبيقات أطلق عليها (حاليا) مسمى الواقع الافتراضي.

تطور المشهد، من خلال شراء جهاز مصغر (مثل النظارة) تحتوي على برمجيات تشاهدها أنت فقط وتسمى بنظارة الواقع الافتراضي وهي متوفرة للكبار وللصغار.

ما زلت أتذكر بدايات انطلاق برامج الدراسات الجامعية في تخصص الحاسب الآلي، قسم في كلية العلوم بجامعة الملك سعود (ثمانينات القرن الماضي، عند التحاقي للدراسة في الجامعة)، بعدها أصبحت كلية مستقلة بتخصصات مختلفة في علوم الحاسب الآلي. عند بداية دراستي لمرحلة الدكتوراه (في بدايات الألفية الجديدة) بجامعة جلاسكو (بريطانيا) تحدثت مع أحد طلبة الدراسات العليا عن مستقبل الحاسب الالي، قال لي إنهم يطورون برامج حاسوبية تمكن أجهزة الكمبيوتر من التواصل دون أن تكون هناك أسلاك بينها! نعم، كانت تلك البدايات التي شهدت بعد ذلك ما يمكن وصفه بتطورات مذهله في تطبيقات علم الحاسب الآلي.

كنت حريصا على مشاهدة الفيلم الرائع المسمى بالمهمة المستحيلة (الجزء الأخير) للمثل الأسطورة توم كروس (شاهدت جميع الأفلام التي أطلق عليها المهمة المستحيلة)، ركز الفيلم على التطور المخيف الذي حدث في تطبيقات الحاسب الآلي، وخاصة تلك التطبيقات التي تتعلق بالذكاء الاصطناعي. شاهدت واستمتعت بسيناريو راق جدا جعلني أشاهد ذلك الجزء العديد من المرات، لكي أستوعب تلك التطورات التي حدثت بالفعل في العلم الرقمي وتطبيقات الحاسب الآلي التي يمكن لها (مستقبلا) أن تصل إلى مراحل متقدمة قد تهدد أمن وسلامة مستقبل البشرية!

باختصار، معظم تفكير شباب الجيل الحالي مرتبط بالواقع الافتراضي! شيء طبيعي، أحلام الشباب في هذه المرحلة العمرية (التعليم العام والجامعي) أحلام وردية وجميلة، لكنها وللأسف لا تمت إلى واقع يحتاج إلى عمل مستمر مع توفر كم كبير من الإرادة الفولاذية التي تمكن صاحبه من تحقيق النجاحات التي يتطلع إليها.

نعم، يحق للشاب أن يحلم وأن تكون له أمنيات يتطلع إلى تحقيقها، لكن يجب أن يدرك في الوقت نفسه (ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، تجري الرياح بما لا تشتهيه تطبيقات الواقع الافتراضي)، أليس كذلك!