شاهر النهاري

روبوت لا ميتافيزيقي للمشردين!

الاثنين - 06 مايو 2024

Mon - 06 May 2024


الحلم البشري بالحصول على مارد خادم ينفذ لمالكه الخدمات البسيطة والصعبة زيادة في الرخاء، ويكفيه شر التفكير، وكلفة التنفيذ، يلوح في أفق البشرية هذه المرة، حقيقة تتمثل الواقع، لا عبر تخيلات عوالم الميتافيزيقا، حقيقة يستطيع كل قادر امتلاكها، ولو بالاحتيال أو السرقة!
الأخبار الواردة من عوالم السحر النافذ تقول، إن شركة أبل تبذل قمة مساعيها للبحث عن مصادر جديدة، لتحقيق الإيرادات والأرباح العظيمة، بسعيها إلى صنع روبوتات شخصية ذكية، استكمالا لجنون مقدرات الآيفون، الذي يحقق للبشر أضعاف ما كانوا يتخيلون.

الروبوت الجديد سيكون صغير الحجم، متحركا، يرى ويسمع، وله أيدٍ وأدوات يستخدمها لتنفيذ ما يطلب منه، بأجمل وأسرع وأيسر الصور!
والشركة المصنعة تسعى ليصبح هذا الروبوت مرافقا شخصيا، يغني عن الهاتف والحواسيب والكلاب والسائق، وبإتقان ينفذ المطلوب منه في البيت والمكتب، بينما يشعر صاحبه أنه شهبندر التجار، متقلبا فوق الأرائك الوثيرة، يتفنن في إصدار الأوامر، التي تنفذ بلمح العين، مساعد يكتب ويحسب عنه، ويراسل، ويتصل بمن يريد، ويحضر ما يحتاجه، وينظم المواعيد، ويجيب عن الأسئلة المعقدة، ويتقن الأعمال اليدوية، ويساعد في استشفاف ومعرفة الأخبار والمعلومات، والدردشة والحوار، ومداعبة مناطق الإبداع، ودون حاجة لقيام صاحبه أو خروجه للأركان البعيدة.

ولنا أن نتعمق في تصور كيف ستكون حياة البشر في بيوتهم ووظائفهم مع خادم مطيع مبدع، ورفيق مخلص صغير، هو أذكى وأحوط بكثير من صاحبه، قويم يعطي الفائدة والأثر، ويتطور طوال الوقت، والخوف لو تقدم على صاحبه خطوات بعيدة!.

ولنا أيضا أن نتخيل تطور هذه الروبوتات، وتزويدها بمختلف المشاعر وعوامل الولاء، وبما يكفي لإدارة حوارات، وعمل مناظرات، وجمع المعلومات، وسلب لب من يجالسها مستغنيا عن كثير من غثاء البشر، كان يضطر للتقرب منهم، ومراعاة خواطرهم، وربما التصادم معهم، وتحقيق: شبيك لبيك، التي يحققها له مرافقه الخاص، ودون شكوى أو تبرم، أو احتياج لطعام أو شراب، بل إنه يستطيع شحن نفسه بنفسه، ويصلح بيديه أي أعطال تواجهه، ودون ازعاج سيده!
صحيح أن سكان البيوت، وتعداد الموظفين، ومن يسيرون في الشوارع سيتضاعفون بمصاحبة مساعديهم، والشركة لا بد أن تجد الحلول، بالتقزيم، فلا يعود يشعر صاحبه بثقل حجمه، أثناء حمله في المقابلات والاجتماعات، والسفر، نزولا إلى دورات المياه، وغرف النوم.

مرافق شخصي سيصبح الجميع يباهون بموديلاته وألوانه، وقدراته، ودقة التحكم فيه، وسرعة إنجاز العمل في الحل والترحال، وترتيب المواعيد وحضورها، حتى ولو كانت تنظيف أسنان، بعد الترتيب ومناقشة الحالة مع الطبيب، وتقديم النصائح لصاحبه بما يجب وما لا يجب، من تجنب الألم والنزيف، إلى إحضار علكة منعشة!
خياراتنا المجنونة ستصبح بأيدي مساعدينا، فيما نطلب للأكل، واللبس، بحرصه وقدرته على التجسس حتى على ملابس من سنجتمع بهم، فلا اختلاف ولا تقليد، ولا تماهي يزيد حرجنا.

مساعد له القدرة على صنع الجو المطلوب في حياتنا، والبث المباشر دون شاشات، لينيلنا ما نبحث عنه من أخبار، وترفيه، ومتعة واكتشاف الجديد، وربما تغطيتنا، قبل الدخول في هاني منام.

الكارثة العظمى لو تمكن مشرد من سرقته، وإعادة برمجته ليحيل حياته بالشارع، إلى حياة ملوك؟.

وعندها فمن سيأخذنا للطبيب النفسي؟


shaheralnahari@