الصورة من التوثيق إلى التزييف
الأحد - 05 مايو 2024
Sun - 05 May 2024
الصورة «وثيقة الزمن»، ورواية التاريخ بعيون «المصورين»، ولوحة الحياة التي ترسمها الآلة التي صنعها الإنسان ولم يتوقف عن تطويرها.
الصورة بكل أنواعها وأشكالها عنصر مهم في كل مجالات الحياة، الإعلامية والعلمية والتعليمية والترفيهية.
تطور الصورة وأدوات التصوير جميل لو سلم من عوامل التشويه التي تأتي تحت عنوان التجميل، لكنها أكثر ما يشوه حقيقتها ويغير معانيها، مثل «فلاتر» تغيير الشكل أو الألوان كما في بعض تطبيقات الهواتف الذكية التي جعلت الكثير من البشر يكره الصور الحقيقة ويبحث عن المزيفة في كل شؤون حياته.
وليست هذه المشكلة الوحيدة التي تعكر جمال «الصورة»، بل يضاف إليها، قضية تحريف الصورة باستخدامها في غير واقعها أو بـ «فبركتها» أو تأليف شرح لها غير صادق، أضف إلى ذلك توهان الصورة بلا تفاصيل، كما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي.
رغم أننا نقول ونردد أن «الصورة» تغني عن «ألف كلمة»، لكن هل «الصورة» تستغني عن «الكلمة»؟
تخيل أي صورة بلا كلام وحاول أن تفهمها أو تفسر محتواها، ربما لا تستطيع إن كنت تريد الحقيقة، وربما تضيع في متاهات التفسيرات بفعل زاوية التصوير أو صدفة المصور أو احترافية المصور في تمثيل حدث أو تجميل مناسبة أو شخصية.
الحقيقة أن الصورة تضيع بلا جملة تشرحها أو توثق قصتها أو تعبر عن لحظتها، صحيح أن الصورة توثيق للحدث، لكن تظل الكلمة توثيقا للصورة.
يصطاد المصور «لحظة» فيرميها في بحر الجمهور بلا أي كلمة، فتتلاعب بها أمواج الجماهير تفسيرا وتأويلا وتحليلا، فتتواتر بعض الروايات بعدما كانت تحليلا أو تفسيرا حتى تصبح - مع مرور الزمن - حقيقة ومعلومة يدافعون عن صدقها.
عين الكاميرا أحيانا تصبح «كاذبة» بسبب تعليقات ملتقطي «صيدها» في فضاء السوشيال ميديا، بينما كانت فكرتها «توثيق» لحظة قبل أن يمضي زمانها.
يقتنص المصور لحظة فيعكسها للجمهور، لكن الجمهور له رواية أخرى؛ حين يلتقط الصورة من بحر وسائل التواصل الاجتماعي التي - في الغالب - لا تحترم حقوق الملكية ولا تحترم حقيقتها فترويها بأسلوبها حسب ظنها اليوم، الذي سيكون يقنا في المستقبل.
استعراض صورة لزمن مضى دون تدوين المكان والزمان، يضعها في وسط عاصفة الجهل.
لست مدافعا عن الكلمة أمام الصورة؛ لأني مؤمن بقوة الصورة ومؤمن أكثر بقوة الكلمة مع الصورة.
بعض الصور لا تحتاج كلمة اليوم - وقت التقاطها - لكنها بعد زمن ستحتاج إلى كلمات، أقلها عن الزمان والمكان؛ وإلا ستفقد قيمتها.
وكثير من الناس في وسائل التواصل الاجتماعي تأكل حقوق المصورين وتظلمهم وتتجنى على أعمالهم بالقول أو الاستغلال، دون نسبة الصور إلى حقيقتها وإلى أهلها.
الصورة متحف الحياة الذي يستحق منا تخليصها من الظلم الذي يمارس في حقها.
fwzl4@