الإبل.. أفلا ينظرون؟

الاثنين - 29 أبريل 2024

Mon - 29 Apr 2024

الإبل مدعاةٌ للتأمل والتدبر والإعجاب والدهشة؛ إذتُعدُّ من المخلوقات التي تُحفِّز على التفكر، وقد دلّت على ذلك الآية الكريمة: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}، حيث اصطفاها الله من مختلف الكائنات الحية كي يضرب بها مثلاً في إعجازها الخَلْقي.

ومما قاله سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية؛ أن الله يحث عباده على النظر في مخلوقاته لما فيها من العبر والدلائل على قدرته العظيمة. وكذلك ورد في تفسير ابن كثير أن الله أمرعباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته،قائلاً عن الإبل تحديداً: "فإنها خلقٌ عجيب، وتركيبُها غريب، وهي في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحِمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتُؤكل، ويُنتفع بوبرها، ويُشرب لبنها".

وفي ضوء حضورها التاريخي والمفصلي في تاريخ شبه الجزيرة العربية، وما قدَّمَته من خدماتٍ جوهريةفي يوميات أفراد المجتمع، وتوغُّلِها بمفاصل الحياة اليومية؛ سمّت وزارة الثقافة العام الجاري بـ "عام الإبل 2024" احتفاءً بمكانتها الراسخة ودورها الأصيل.

أما شُريح القاضي فكان يقول: "اُخرُجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت"، وذلك بسبب ما خُصّت به من مزايا مدهشة حتى غدت مُقَوِّيةً للإيمان من خلال التأمل، في الوقت الذي حظيت به على قدراتٍفذة ومذهلة، وإمكاناتٍ فريدة استدعت النظر الدقيق؛مثل تحمُّل درجات الحرارة بارتفاعها المُضْني وانخفاضها المُوجِع، إلى جانب مكابدتها العطش وقطع المسافات الطويلة، إضافةً إلى أنّ لها أجزاءًبديعة من أذنين وعينين وفمٍ وقوائمَ تتشكّل جميعُها في صورةٍ متناغمة وساحرة تتطلب نظرَ المتفحص.

كما تحمّلت البيئة الصحراوية في الجزيرة العربية وهي موطن انتشارها، وحملت على ظهرها الأوزان الثقيلة من البضائع والسلع، وأطعمت بلحمها وسقت حليبَها، وألْبَسَت بوبرها وساعدت بقوتها، ولِتَعدُّد خصائصها قال الشيخ عمر العيد: "وسبحان الله! لمّا خلق الله الحيوانات جعلها مُصنَّفةً: طائفةٌ منها تُؤكل، وطائفةٌ يُشرب دَرُّها، وطائفةٌ يُحمل عليها، وطائفةُ للزينة والجَمال، والإبلُ جمعت ذلك كُلَّه..".