رسالة من «السبع» إلى ذي «الرأس المربع»
الاثنين - 29 أبريل 2024
Mon - 29 Apr 2024
أي بني، هذه وصية، قد تبعدك عن مسارب البلاء والأذية، في خضم عالم متلاطم الأمواج، يشعر فيه العاقل بأعراض الارتجاج، خاصة في المجال الإعلامي، في بلدان العالم المتنامي، حيث هناك خط رفيع بين الخبث والسذاجة، كما هو الفرق بين فراسة الصقر ووداعة الدجاجة، فلا خوف من الثور عندما يعتقد أنه بقرة حلوب، تقضي عمرها في عيش طروب، بل المعضلة الكبرى عندما يعتقد السيد حمار أنه بقرة فيخلط بين النهيق والخوار؛ فالحياة – يا بني – في تعاملاتها لا تقاس بالمثلث والفرجار، وليس السلامة دوما في البعد عن الأخطار، يقول الشاعر النبطي المتأخر:
الحمرة تدرك معوشة عياله
ولا الرجل يبغى منه بعض الأحوال
بني، لا تراهن دوما على حضورك في الضجيج، فهنالك بعد الصمت مرحلة لها صدى بهيج، لو تأنيت قليلا، لما خدعك من أستغلك شكرا وتبجيلا، فمن أستغلك تمرير ما يريد، سيتخلى عنك عندما يستفيد، وأنا أحيي فيك نشاطك وركضك بلياقة عالية، لكنك تركض بالاتجاه إلى الحضيض، وهناك ستجد كل قلب مريض، ووقتها ستبحث عن نفسك وسط الركام، مطمورا بنفايات من بقايا الأحلام، فكن ما تريده أنت، وقل ما تريده أنت، فإن قلت ما يريد الآخرين صفقوا لك؛ لكن إن قلت ما لا يعجبهم فسيعتبرونه قناعة عدوهم اللدود، لا قناعة شخص موجود. وستظل تتضاءل، وأنت بدأت على منحدر مائل، تحارب طواحين الهواء، كدون كيشوت البلهاء، آسنا كالماء، فإن أسن الفكر وراب، أصبح ملجأ « للدغاليب» والذباب.
استغليت انشغال السُبّع بتحسس ساقيه التي انحسر عنهما الرداء فقلت له: ألا تعد هذا «شخصنة»، وقفز من الرأي إلى شخص صاحب الرأي؟
فضحك حتى بدت نواجده، وهي لا تظهر إلا في المناسبات الهامة، فقال: أنا لا أعني أحدا بعينه، ولم أقل شيئا يدينه، لكنني في الوقت ذاته، لا أجرد أحدا من هفواته؛ فإن شئتها «شخصنة» فهي كذلك لكل من يعتقد أنها تعنيه، ومن على رأسه بطحاء سيشعر بثقلها، قاطعته: يتحسسها! قال: لكن من يفقد «الحس» بالصناعة، لا يفرق بين الصياغة والصياعة! فيكذب ما قاله، يريد الصدق فينهي آماله، ولكل مقام مقاله، فقلت: أوشكت المساحة على النهاية، فلعلك تقول لنا الغاية؟ فقال: المساحة أرحم من الرقيب، فإن رأيته من قولي مستريب، فلا تثريب، فقل له أن هذا مخطوط غريب لا يمت لواقعنا بصلة، ولا لإجاباتنا بأسئلة!
Fheedal3deem@
الحمرة تدرك معوشة عياله
ولا الرجل يبغى منه بعض الأحوال
بني، لا تراهن دوما على حضورك في الضجيج، فهنالك بعد الصمت مرحلة لها صدى بهيج، لو تأنيت قليلا، لما خدعك من أستغلك شكرا وتبجيلا، فمن أستغلك تمرير ما يريد، سيتخلى عنك عندما يستفيد، وأنا أحيي فيك نشاطك وركضك بلياقة عالية، لكنك تركض بالاتجاه إلى الحضيض، وهناك ستجد كل قلب مريض، ووقتها ستبحث عن نفسك وسط الركام، مطمورا بنفايات من بقايا الأحلام، فكن ما تريده أنت، وقل ما تريده أنت، فإن قلت ما يريد الآخرين صفقوا لك؛ لكن إن قلت ما لا يعجبهم فسيعتبرونه قناعة عدوهم اللدود، لا قناعة شخص موجود. وستظل تتضاءل، وأنت بدأت على منحدر مائل، تحارب طواحين الهواء، كدون كيشوت البلهاء، آسنا كالماء، فإن أسن الفكر وراب، أصبح ملجأ « للدغاليب» والذباب.
استغليت انشغال السُبّع بتحسس ساقيه التي انحسر عنهما الرداء فقلت له: ألا تعد هذا «شخصنة»، وقفز من الرأي إلى شخص صاحب الرأي؟
فضحك حتى بدت نواجده، وهي لا تظهر إلا في المناسبات الهامة، فقال: أنا لا أعني أحدا بعينه، ولم أقل شيئا يدينه، لكنني في الوقت ذاته، لا أجرد أحدا من هفواته؛ فإن شئتها «شخصنة» فهي كذلك لكل من يعتقد أنها تعنيه، ومن على رأسه بطحاء سيشعر بثقلها، قاطعته: يتحسسها! قال: لكن من يفقد «الحس» بالصناعة، لا يفرق بين الصياغة والصياعة! فيكذب ما قاله، يريد الصدق فينهي آماله، ولكل مقام مقاله، فقلت: أوشكت المساحة على النهاية، فلعلك تقول لنا الغاية؟ فقال: المساحة أرحم من الرقيب، فإن رأيته من قولي مستريب، فلا تثريب، فقل له أن هذا مخطوط غريب لا يمت لواقعنا بصلة، ولا لإجاباتنا بأسئلة!
Fheedal3deem@