عبدالله سعود العريفي

هنيئا لك

الأربعاء - 24 أبريل 2024

Wed - 24 Apr 2024

كان رجلا تعلو محياه ابتسامة دائمة، وجهه يشع بشرا، نفسه صافية ترى سعادتها في إسعاد الآخرين، يحمل روحا محبة للخير ولا يحمل كرها ولا يعرف حقدا ويتجنب الطرق التي فيها ما تقسو به القلوب وتحدث الشحناء وتسبب البغضاء وتولد العداوة؛ فتكون السماحة واللين والسلاسة والسهولة واضحة عليه فيبادل الآخرين منافعهم بخلق كريم وبنفس طيبة راضية وبذل ما يمكنه لمن يسأله بكرم نفس وعلو همة، يراعي شعور الآخرين وأحوالهم وظروفهم؛ فلا يلجئ أحدا أو يضطره إلى ما لا يحتمل وحتى في مرافعته يكون نزيها منصفا سمحا غير متحيز، يأخذ حقه بالطرق السمحة السهلة اليسيرة ولا تصل به الخصومة إلى حد يؤذي به الآخرين أو أن يظلمهم، ويتفضل ويتلطف بتنازله عن بعض حقوقه ويتخلى عنها ليطيب خاطرا أو ليؤلف قلبا أو ليطوي صفحة خصومة، إن ابتاع شيئا كان سمحا ويقبل السلعة التي يجد وإن أعطى شيئا بثمن كان سمحا وإن أخذ شيئا كان سمحا وإن بذل كان سمحا وإن جاد كان سمحا؛ فهو سمح في تواصله ومخالطته ومجاورته ومعاملته واتفاقه وعطائه.

كلما كان الإنسان سمحا مع الآخرين زاد شعوره بالرضا النفسي الذي يتمثل في سكينة داخلية تجعله يتقبل مالا يحب برحابة صدر وسعة نفس وطول أناة وسكون نفسي، وبالتالي الاستمتاع بالحياة على الرغم من الضغوط التي قد يواجهها في حياته؛ فالسكينة الداخلية تمكنه من التمتع ورؤية الجمال في حياته كلها والتغاضي عن السلبيات التي قد يمر بها، فهذا الشعور يوصله للهدوء والاستقرار النفسي.

النفس السمحة من أصفى النفوس وأسعدها، بين جوانحها قلب دافئ مليء بالمحبة والرحمة والود والعطف والكرم، تلمس فيها اللطف والمشاعر الرائعة وعذوبة اللسان ولين الجانب وجمال الخلق ولباقة التعامل ومحاولة إرضاء الآخرين ومعاملتهم باحترام وتواضع، وتشعر معها بأن الحياة هنيئة ومليئة بالخير، وصاحب النفس السمحة الرضية مريح نفسيا بوجهه البشوش وقلبه المتسامح ولسانه العذب الذي ينطق بأطيب الكلمات، وللأسف فإن البعض من الناس يكون صعبا شديدا شكس الطباع صعب المراس عسرا في معاملته ومحبا للخصام، يحاسب على بسيط الأخطاء ويرصد الصغائر ولا يمكن أن يغضي أو أن يتجاوز أو أن يتنازل أو أن يفوت حقا من حقوقه ولا يترك سبيلا إلا سلكه؛ فتضيع الأوقات وتهدر الجهود وتتوتر العلاقات.

يستطيع من يكون سمح النفس وتعلوه السكينة ويزينه الوقار ويتجافى عن خلق الثقلاء ولا يتصف بما يشينه من صفات المنبوذين لسوء خلقهم أن يقيم في حياته أكبر قسط من السعادة والارتياح التام والشعور العميق بالرضا والسرور والانبساط وهناءة العيش، ومهما قست عليه بعض ظروف الحياة واشتدت وزادت؛ فلا خوف عليه لأنه يواجه شدائدها وصروفها ونوائبها وملماتها بتلك النظرة المتسامحة، ولأنه بخلقه هذا يتكيف مع الأوضاع بسرعة مهما كانت غير مطابقة لذوقه وميوله أو غير موافقة لحاله، ويستطيع أن ينال أكبر قسط من محبة الآخرين ومودتهم له وثقتهم به واعتمادهم عليه وائتمانهم له واطمئنانهم إليه؛ لأنه يعاملهم بلطف ويتصرف معهم بسماحة ولين طبع ورفق وغض طرف عن هفواتهم وأخطائهم؛ فلكل سمح هين لين سهل قريب من الناس.. هنيئا لك.