عبدالمعين عيد الأغا

نحو جيل صحي وسليم 

الثلاثاء - 23 أبريل 2024

Tue - 23 Apr 2024

تشهد عروس البحر الأحمر جدة اليوم الأربعاء 24 أبريل 2024 انطلاق الملتقى العلمي الخامس لصحة الطفل والذي دعا إليه قسم الأطفال بكلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، بمشاركة نخبة وصفوة من المتحدثين والعلماء والباحثين والأطباء والطبيبات والتمريض والتغذية والتثقيف الصحي والفنيين وطلبة الطب.

وبصفتي رئيس المؤتمر أوضح أن الملتقى وخلال ثلاثة أيام يتداول المستجدات في تشخيص وعلاج الأطفال، إذ تم قبول 80 بحثا في الملتقى، فهناك مواضيع عديدة وجديدة تبحث لأول مرة ومطروحة على طاولة النقاش، مع التنويه بأنه سيتم ترشيح أفضل 5 أبحاث لنيل الجوائز المخصصة لها، بدافع تشجيع الأبحاث العلمية في مجال طب الأطفال ودعم وتقدير جهود الباحثين للاستمرار في تقديم الأفضل والأجود.

ورغم أن الملتقى يناقش المواضيع العلمية الخاصة بمستجدات تخصص الأطفال في جوانبه التشخيصية والعلاجية إلا أنه لم يغفل الجوانب الاجتماعية المرتبطة بالأطفال، إذ ارتبطت معظم المشاكل الصحية لجيل اليوم بالتقنيات والعالم الافتراضي حتى أصبحوا يلقبون بالجيل الالكتروني، فللأسف زادت في السنوات الأخيرة شكوى معظم الآباء والأمهات من مشاكل أبنائهم الصحية المرتبطة بعدة أمور منها ما يتعلق بعدم اتباعهم النمط الصحي في التغذية وتداعياته في زيادة الوزن وتدريجيا السمنة، وقصر القامة، ووصولا إلى السهر وإدمان الألعاب الالكترونية، وما يترتب على كل هذه المشاكل من نتائج عكسية تؤثر على صحة الأبناء ونموهم، كما أن العديد من الدراسات الطبية كشفت أن كثيرا من أطفال مجتمعنا يعانون ارتفاعا ملحوظا في الأوزان التي لا تتفق مع أطوالهم نتيجة زيادة تناول الوجبات السريعة وعدم ممارسة أي نشاط رياضي، والجلوس ساعات طويلة على الأجهزة الالكترونية وتناول الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون وزيادة تناول المشروبات الغازية.

وإذا نظرنا إلى هذه المشاكل المرضية نجد أنها لا توقف عند حد المرض فقط بل لها تبعات أخرى، وكنموذج لذلك نجد مثلا أن زيادة الوزن عند الكبار والصغار تمهد مع مرور الوقت إلى السمنة في حال عدم الاهتمام بالعلاج، وهذه السمنة إذا أهملت بدورها تزيد من فرص نشوء بعض المضاعفات كظهور مقاومة الأنسولين، وهذه المقاومة إذا لم تجد من يصارعها بالرياضة وتجنب الأكل غير الصحي فإنها تعلن في أي وقت - لا سمح الله - الإصابة بداء السكري النمط الثاني غير المعتمد على الأنسولين، ومن الأمور الأخرى نجد أن الأطفال الذين يسهرون لساعات طويلة يحرمون أنفسهم من النمو الصحيح الذي يضمن حصول الجسد على الهرمونات الضرورية ومن ذلك هرمون النمو الذي يساعد على بلوغ الطول عند الأطفال، فالنوم والاستيقاظ المبكران يساعدان على ضبط الساعة البيولوجية للجسم ويمنعان أعراض الصداع ونعاس النهار وتقلب المزاج والشعور بالخمول، ومن هنا فإن عدم مراعاة الجوانب الصحية المرتبطة بصحة الأطفال يترتب عليه ما لا يحمد عقباه.

أخيرا.. هناك مقولة مفادها «الوقاية خير من العلاج»، فأمراض السمنة المكتسبة واضطرابات النوم وإدمان الالكترونيات عند الأطفال نشأت بتوفر العوامل المسببة ولم تجد المسار الصحيح في علاجها فأصبحت تشكل تحديات كبيرة على مستوى الأسرة والمنظومة الصحية، فالوقاية من وصول أطفالنا إلى هذه المرحلة هي مسؤولية الوالدين، فالطفل اليافع في مراحل نموه ومراهقته لا يهتم كثيرا بجوانب صحته أو بالجوانب الوقائية، كما أنه يتجاهل كثيرا أهمية الوقت في حياته فنجده يقضي جل وقته وراء أنشطته الالكترونية، ومن هنا يتجسد دور الأسرة في توجيه أبنائهم نحو سلامة صحتهم من الأمراض.