ياسر عمر سندي

شوال والأيام الطوال

الأربعاء - 17 أبريل 2024

Wed - 17 Apr 2024


انتهى موسم الخير وكل عام وأنتم بخير. وانقضى العيد بابتساماته وعيدياته ومناسباته. وبدأت الحياة الاجتماعية تعود لحالتها الطبيعية.. للأعمال والمدارس والمصالح العامة؛ ولكن هنالك شيء يؤرق الكثيرين ويوقظهم من سباتهم الموسمي العميق وهو طول أيام وليالي الشهر؛ وأقصد ذلك الشعور المرتبط بحالة من الارتباك المادي والارتياب المعنوي جراء الإنفاق العشوائي للأموال والمصاريف المهدرة مع حالة من الخمول الكامن والتباطؤ الحاصل في وتيرة حركة شهر شوال التي يعيشها غالبية المجتمع من موظفين ومتقاعدين وترقبهم المتتابع بسؤال متى ستأتي رسالة البنك المفرحة لقد تم إيداع راتب الشهر؟
في يوم الخميس 7 مارس 2024 نشر لي مقال في هذه الصفحة بعنوان «رمضان وثقافة الاتزان»؛ ركزت فيه على أسلوب الاعتدال وكيفية ممارسته من خلال البحث عن الوعي الذاتي لفهم واستيعاب فلسفة الضبط الادخاري وعدم الخلط الحاصل بين معياري الحاجات التي يتطلب الأمر معها التعجيل وهي جميع ما يؤثر على مقومات حياتنا النفسية والجسدية الأساسية لنا ولأبنائنا لتستمر الحياة وتستقيم بالاهتمام بها وجعلها في مقدمة أولوياتنا؛ وتلك الرغبات التي تعتبر غير مهمة ومن تقديرنا يمكن تأجيلها لنعود أنفسنا على إلغائها إلى الأبد وإسقاطها من سجل أفكارنا وحسابات مشترياتنا حتى لا نقع في فخ الخلل والاضطراب بين الإيرادات والمصروفات؛ الأمر الذي سيؤثر على المنظومة الشخصية والأسرية وبالتالي تنعكس مخرجاتها على البيئة المجتمعية العامة.

وكما أشرت سابقا بالمقال نحن لا نعيش موسما واحدا فقط بل هنالك مواسم عديدة مترابطة من كل عام يزداد فيها الاستهلاك من شهر رمضان مرورا بعيد الفطر وما يلحقه من موسم الحج وعيد الأضحى إلى بداية السنة الهجرية الجديدة؛ ويعني ذلك أن هنالك شهورا تحتاج إلى الوزن الاقتصادي بترتيب الأولويات وكيفية توفير الحاجات المهمة يوميا وأسبوعيا وشهريا كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن ناهيك عن المتطلبات الدراسية والمصاريف التعليمية والأقساط الشهرية للعائلات التي تعتمد على الدخل الشهري من رواتب وبدلات محدودة سواء لمن هم على رأس العمل أو المتقاعدين.

من الضروري الاستبصار والتيقن بأن الإنهاك النفسي الحاصل في هذه الفترة تفاقم بسبب انعدام الإدارة بين الحاجات والرغبات وأهمية التخطيط والتنسيق المسبقين الذي من المفترض أننا بدأناه قبل دخول الموسم للحذر من الوقوع في هذا المأزق.

ما يمر به البعض حاليا هي حالة فحصية لا شعورية مما هو موجود في الأرصدة البنكية والسيولة المالية المتوفرة؛ وكم يتبقى من أيام متثاقلة لإيداع الراتب تتسبب في حدوث فجوة نفسية تفكيرية مقلقة خوفا من أي طارئ يفاجئهم فيسارعون في ردم تلك الفجوة بالبحث عن عوامل مساعدة تخفف عنهم؛ إما بالتسليف الشخصي أو الاقتراض البنكي مما يزيد الطين بله؛ ونغني يا شوال ما أطولك.

تنبيه عام.. ما بعد شوال يتطلب الاعتدال.

وسلامتكم.


Yos123Omar@