عبدالله العولقي

شركات اليونيكورن والنمو الاقتصادي

الأربعاء - 17 أبريل 2024

Wed - 17 Apr 2024


في السنوات الأخيرة تحول مفهوم وتطبيق أساليب النماذج الاقتصادية إلى علم خاص يدرس في الكليات الاقتصادية، وأصبح الهاجس الأكبر لدى العديد من دول العالم التي تمر في مرحلة النمو الاقتصادي هو كيفية تأسيس منظومة إدارية تدعم الشركات الناشئة وترسي بيئة محفزة وحاضنة ابتكارية للأعمال الناشئة، ومن هنا نشأت مفاهيم جديدة حول مفهوم الشركات الناشئة، ومنها مفهوم شركات اليونيكورن، وهي شركات أحادية القرن كما يطلق عليها، والتي تقدر قيمتها السوقية بحوالي مليار دولار وتتمتع بسرعة متزايدة في النمو الاقتصادي، وأول من ابتكر هذا المصطلح الحديث هي سيدة الأعمال الأمريكية إيلين لي، وهي خبيرة مالية تعمل كرئيسة لشركة كاوبوي فينتشرز المالية، وتكتب مقالات علمية رصينة في المجالات المالية حول هذا الشأن.

اكتشفت السيدة إيلين لي قواسم مشتركة بين أصحاب وملاك الشركات الناشئة، وأول هذه القواسم أن معظمهم قد درسوا في جامعات مرموقة مثل جامعة هارفارد وجامعة ستانفورد، بيد أن أغلبهم غادروا مقاعد الدراسة مبكرا بعد أن وعوا أهمية التحول إلى عالم المال والأعمال، ومن أمثال هؤلاء، بيل جيتس الذي غادر مقاعد كلية هارفارد وهو في السنة الثانية ليؤسس شركته العالمية الشهيرة مايكروسوفت، وكذلك رائد الأعمال الشاب مارك زوغر بيرك الذي غادر هو الآخر مقاعد الدراسة مبكرا ليؤسس شركة فيس بوك التي تعد اليوم إحدى أهم قلاع التكنولوجيا في العالم، والتي أصبح إسمها اليوم (شركة ميتا) بعد أن تمكنت من الاستيلاء على تطبيقي واتس أب وانستقرام، وهناك نماذج عديدة تتشابه حكاياتها إلى حد كبير مع بيل جيتس وزوغر بيرج، بينما يأتي القاسم المشترك الثالث كما تذكر السيدة إيلين لي حول غرابة الأطوار وتفضيل العزلة بدلا من الانخراط في خلطة المجتمع، وتلاحظ هذه السمة بقوة لدى إيلون ماسك صاحب شركة تيسلا للسيارات الكهربائية والتي تعدت هذه الشركة مرحلة شركات اليونيكورن لتصل إلى مرحلة شركات الهيكتوكورن، وهي شركات خاصة تزيد قيمتها السوقية عن 100 مليار دولار مثل شركة جوجل وشركة بايت دانس الصينية التي تمتلك تطبيق التيك توك الشهير.

وقد لفتت أفريقيا، القارة السمراء أنظار العالم ومراكز البحوث المالية والتجارية بالتحولات الاقتصادية التي تشهدها اليوم، حيث أصبحت دولة نيجيريا حاضنة متميزة للشركات الناشئة مثل شركات اليونيكورن، ففي عام 2022م أنتجت أفريقيا سبع شركات مليارية أي يونيكورن، حيث توجد خمس منها في دولة نيجيريا وحدها!!
تأتي أهمية تهيئة البيئة التي تحتضن الشركات الناشئة وتقدم لها مجالات الدعم في تحقيق النمو والرفاه الاقتصادي، وتأتي المملكة العربية السعودية من أكثر دول العالم نموا في عدد الشركات الناشئة نظرا لحاضنات الأعمال المتميزة التي تقدم لها فرص الدعم المتنوعة، ففي عام 2022م اقتربت حوالي 27 شركة ناشئة في السوق السعودي من دخول نادي اليونيكورن في قطاعات عدة، أبرزها التكنولوجيا المالية والخدمات اللوجيستية، وفي العصر الحديث، قدمت الصين تحولا اقتصاديا مهما، فلو علمنا أنها في بداية ثمانينيات القرن الماضي كانت صادراتها تقدر بـ 10 مليار دولار فقط، بينما هي اليوم تتجاوز 4 تريليون دولار، وهذه النقلة النوعية كانت بسبب خطة تحول اقتصادي اعتمدتها الحكومة الصينية، وكان من بينها دعم الشركات الناشئة والتي تصدر اليوم معظم السلع في السوق الاستهلاكي العالمي.


albakry1814@