علي عبدالله المالكي

يسروا ولا تعسروا

الأربعاء - 17 أبريل 2024

Wed - 17 Apr 2024

شهر اجتمعت فيه الرحمة والمغفرة والعتق من النار، كما قال شيخنا ابن باز (رحمه الله) ولا يجوز تجزئة ذلك، بل إنها مجتمعة في كل أيامه ولياليه. وكما جاء في حديث أبي سعيد الخدري: "إن لله عتقاء كل يوم وليلة، وللمسلم دعوة مستجابة في رمضان"، كيف لا وهو الركن الرابع من أركان الإسلام، كيف لا وقد اختصه الله تعالى لنفسه؟. أي شرف أعظم من عبادة تكفل الله تعالى أن يجزي بنفسه عباده الذين قاموا بها؟، وقد اختصه الله تعالى لنفسه كونه من العبادات الخفية التي بين العبد وربه، وهو شعبة من شعب الإيمان، تمتنع فيه النفس عن المباحات لمرضاة الله تعالى، وفيه تمتحن أخلاق المسلم فعلا وقولا، تمتحن اليد واللسان والجوارح، تمتحن فيه النفس في إدارة ذاتها وتقويم سلوكها بنفسها، وتكون هناك نتائج قصيرة الأمد بنهاية صيام اليوم، وهناك طويلة الأجل بنهاية الشهر، ونسأل الله تعالى أن نكون جميعا ممن طال أجله وحسن عمله.
ما دفعني لكتابة المقال بعد انقضاء ثلثي الشهر، هو ما شاهدت من أفعال ربما تجرح صيام المسلم من حيث لا يعلم، كما أنه تذكير في وسط الامتحان، وتحفيز للصائم بأنه ما يزال وسط الامتحان، فلا تفتر عزيمته ولا يختل سلوكه، وليجد ويجتهد فيما تبقى له، والله يجزي من أحسن عملا.
تذكروا أن القيام من مقعد بأحد المجمعات الخدمية او المستشفيات عن عجوز ناهز التسعين من عمره هو عمل إنساني وأخلاقي، وأن إغاثة المحتاج أو المريض أو المصاب هو عمل أخلاقي، وأن التغاضي عن صغائر الأمور عمل أخلاقي، يسروا ولا تعسروا، بشروا ولا تنفروا، تذكروا أن صيامكم لكم، وأجره من الله وحده لكم وحدكم، صيامكم ليس مبررا لكم بأن تسيئوا أخلاقكم، وأن أخلاق المسلم تعلو ولا تهبط في شهر رمضان وغيره.
ختاما، فإن لنا مع رمضان كشهر وقفة إجلال واحترام، كونه الشهر الذي فيه نزل القرآن، كونه الشهر الذي مكـّـن الله فيه للمسلمين بالنصر في كثير من الغزوات والحروب، وإن الصيام لم يكن مبررا للتقاعس أبدا، بل كان شهر خير وفتح وعز للإسلام والمسلمين.
أعاد الله علينا وعليكم صيامه وقيامه ونحن في أحسن حال. والحمد لله رب العالمين.