عبدالله السحيمي

الإرهاب الخفي

الاثنين - 15 أبريل 2024

Mon - 15 Apr 2024

تعد مواقع التواصل الاجتماعي من الوسائل المهمة التي يستخدمها المتطرفون والإرهابيون، وهو الأمر الذي يكشف لنا أهمية الحذر والتنبه.

ومن ذلك ما تم نقله اعترافا في مقطع فيديو لأحد الإرهابيين الذين نفذوا إجرامهم في العاصمة الروسية موسكو، وقد أكد أنه لا يعرف من اتفق معهم لا شكلا ولا اسما إلا عن طريق التليغرام، الذي كان هو سبب التعرف بينه وبين أولئك.

كل ذلك يؤكد تجديد الأساليب والطرق والوسائل من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية، وهو ما يسمى بالإرهاب الخفي، وهو مصطلح يشير إلى الأعمال الإرهابية التي تتم بطرق غير تقليدية، بهدف إحداث الخوف والضرر دون الكشف عن هوية الجناة أو دوافعهم.

والإرهاب الخفي تتعدد أشكاله وصوره، مثل الإرهاب الالكتروني والبيولوجي، لكنه يمتاز بصعوبة اكتشافه ورصده لعدم وضوح الجناة، ويستخدمون أساليب غير تقليدية كالتسلل الالكتروني أو نشر معلومات مضللة، بهدف التمويه والإخفاء بهدف عدم القدرة على التتبع.

ومما يتخذونه من طرق وأساليب، الاستغلال الذكي للبيئة الرقمية لنشر أفكارهم المتطرفة، واستغلال قنوات التواصل من مساحات صوتية ورسائل وصور، وهم يقيسون مدى الاستجابة لاصطياد بعض الأشخاص الذين يوهمونهم بدافع الحرية والتحرر، وعبر أجندتهم الخاصة.

ولعل مخاطر وشرور الإرهاب الخفي لا تقتصر على وجه واحد، بل تتعدد صعوبة التنبؤ والوقاية منها، لأنها تنفذ بهجمات خفية يصعب الوقاية منها، وهي تترك أثرا نفسيا عل المجتمع، وتعطي طابع الشعور بالخوف والقلق لدى الأفراد، وتساعد على تفاقم التطرف والأفكار المتطرفة وانتشارها.

إنه الإرهاب الذي يدرس سلوك الناس وواقعهم، خلال اهتماماتهم وحضورهم في مواقع السوشال ميديا، وتأخذ جوانب المتابعة والتصفيق واللايكات جزءا من الاهتمام، حتى ينشأ بينه وبين هذا المتابع علاقة ثم حديث ثم تواصل، ثم فخ الوقوع والسحب.

ولهذا، نلمس أن البعض له حضور طاغ في جميع القنوات، بحجة البحث والرغبة في الظهور والاستفادة المالية والمكانة الاجتماعية، ورغم أن هذه المنصات تقدم تحليلات تكشف التفاعل من جميع جوانبه، إلا أنني أجزم أن فئة الشباب هي الفئة الأغلب في المتابعة والاهتمام والحضور، وقد يجني ذلك التسرع في وجود الصداقات، والوقوع في رغبة التعرف والتمدد في العلاقات دون فحص أو تمحيص، أو عناية فيما يضيف أو يتابع أو يتحدث.

علينا أن نعي أن موجة الإرهاب الخفي تأتي على صور متنوعة دون لإعلان المسبق عن أهدافها، فتجدهم يصولون ويجولون في المساحات الصوتية بحجة التباكي على الأمة أو التقاط المواقف، واستغلالها لتسهيل مشروعهم في تدمير المجتمعات وتسميم العقول والنيل من الأوطان، وزرع الفتنة والتخويف والقلق.

الإرهاب الخفي أشبه ما يكون بسرطان يفتك بقلب المجتمع، للنيل من مقدراته ومكوناته وأمنه واستقراره.

Alsuhaymi37@