محمد إسحاق

كيف نصل لمرحلة الإتقان؟

الاحد - 14 أبريل 2024

Sun - 14 Apr 2024


الذكاء الاصطناعي سيسيطر على سوق الوظائف!!
سيتم استبدالنا بالآلات والروبوتات!!
لا يوجد أمان وظيفي في هذا الزمان!!
عناوين مستفزة ومنتشرة كلها تتحدث عن التغييرات القادمة في سوق العمل وتأثيراتها على الوظائف والأعمال.

وكلها تجعلنا نتساءل: كيف يمكن للواحد منا أن يصل لمرحلة تجعله شخصا يصعب الاستغناء عنه في بيئة عمله أو في سوق العمل؟ وخصوصا مع التلاشي التدريجي لفكرة الراحة والأمان الوظيفي والوظائف السهلة الروتينية.

يجيب على ذلك السؤال الكاتب الأمريكي روبرت غرين في كتابه المميز – الإتقان.

وهو الذي يتكلم فيه عن أهمية أن يصل الواحد منا لمرحلة عالية من الإتقان في المجال الذي يتناسب ويتماشى معه.

ولكن كيف نصل لذلك؟ وهل الطريق سهل وممهد ومتاح للجميع أن يصلون إليه؟
يستعرض المؤلف في كتابه نماذج عملية وصلت للإتقان مع دراسة الطريقة التي أوصلتهم لذلك مثل: آينشتاين، الأخوان رايت، بول غراهام، دافنشي، مايكل فاراداي وغيرهم.

كما ذكر الطريقة التي ستساعد كل شخص على اكتشاف نفسه وندائه الداخلي كما يقوله المؤلف.

ففي طفولة وشباب كل إنسان توجد لحظات شعر فيها الشخص بأنه يمارس العمل الذي يتناسب معه ويتماشى مع شخصيته، ولكن مع متطلبات الحياة ونظرات المجتمع وعوامل أخرى جعلت الكثير ينصرفون عن المجالات التي كان بالإمكان أن يتميزوا فيها ويبدعوا فيها كالخطابة، والشعر، وتلاوة القرآن، ومجالات الفنون، وميكانيكا السيارات، والالكترونيات، وغيرها ويتجهون لمجالات ووظائف لا يحققون فيها الكثير وليست ضمن اهتماماتهم وبالتالي يسهل استبدالهم.

وربما يتساءل البعض: هل إذا اكتشف ما كنت أميل له من مجالات أو مهارات أقوم بترك وظيفتي أو تخصصي وأتوجه إليه مباشرة؟
والإجابة على ذلك ستكتشفها بنفسك بعد تجربة المجال من جديد، والدخول في مرحلة من التلمذة والتعلم المُكثف لأساسيات المجال والتجربة والقيام ببعض المبادرات فيه، والتي ربما تستغرق منك أشهرا أو عدة سنوات لتصل لمرحلة من الإتقان تجعلك قادرا على اتخاذ قرارات مشابهة.

وهو الجانب الذي شدد عليه المؤلف والذي يستغرق وقتا وجهدا ويحتاج لطول نفس وانضباط وقدرة على تجاوز الرتابة والملل حتى تصل لمستوى متقدم، والذي بدوره يستدعي منك التعلم من الآخرين عبر النظر والتأمل لما يقومون به من بعيد، والممارسة الفعلية والتجربة والتعلم من الخطأ، والبحث عن معلم أو مرشد خبير في المجال يساعدك في الوصول لمرحلة متقدمة ويقدم لك النصح والنقد حتى ترتقي لمستوى متقدم.

ولا بد أن يكون هذا المدرب شخصا متمرسا في مجاله ولا يقبل تساهلك وكسلك وحريص على بناءك ووصولك، وهو ما يتهرب منه البعض بدعوى الحفاظ على النفسية والبُعد عن السلبية، وسيبحثون في المقابل عمن يجنبهم بذل المجهود الكبير ويقدم لهم النصائح الفارغة من قبيل: أنت تستطيع، أنت قادر، أنت بطل، من دون بذل المجهود المطلوب للوصول لمرحة الإتقان.

ومن المهم كذلك أن يكتسب المرء مهارات التفكير الإبداعي ليكون قادرا على الخروج بأفكار أو ابتكارات أو اختراعات جديدة، مع امتلاك الذكاء الاجتماعي الذي سيساعده على تقبل النقد والتشكيك والتعامل الأمثل معه.

ومع التعلم المستمر، واكتساب الخبرات وكثرة التجارب، ووجود مرشد أو معلم خبير في المجال سيصل الشخص لمرحلة عالية وسيجد أن الأفكار تنهال عليه في ذلك المجال والتخصص الذي اختاره لنفسه، وسيمتلك حدسا عاليا لا يأتي إلا بعد امتلاكه للمعارف والخبرات المختلفة وبالتالي سيخرج منها الكثير من الأفكار الجديدة في المجال.

وأختم باقتباس ملهم من كتاب –الإتقان–: «حين يتعلق الأمر بإتقان مهارة ما فإن الوقت هو العنصر السحري الحاسم.

فإذا افترضنا أن تدريبك يسير ضمن مستوى ثابت فإن بعض العناصر المُحدَّدة من المهارة - مع مرور الأيام والأسابيع في التدريب ستصبح ثابتة وتدريجيا، ستصبح المهارة كلها مندمجة في نفسك، وجزءا من جهازك العصبي؛ أي إن العقل لم يعد غارقا في التفاصيل، ولكنه يستطيع الآن رؤية الصورة الكبرى.

إنه إحساس عجيب، وسوف يقودك التمرين والممارسة إلى هذه المرحلة، بصرف النظر عن مستوى الموهبة الذي وُلِدت فيه.

أمَّا العائق الحقيقي الوحيد لهذا فهو نفسك وعواطفك (الشعور بالملل الذعر الإحباط، انعدام الثقة)، وهذه العواطف لا يمكنك قمعها لأنها من طبيعة العملية، ويشعر بها الجميع، بمن فيهم أصحاب الرياسة».


muhamedishaq@