فهيد العديم

بهجة العيد بين الخياط وأحفاد المتنبي

السبت - 13 أبريل 2024

Sat - 13 Apr 2024


نردد دائما أن الفرح خيار، أنت تصنع لحظاتك السعيدة، فالفرح بصفته أحد مظاهر السعادة لا يستلزم مناسبة، ولا أن تبحث عنه بعيدا، فإذا قررت أن تعيشه فستجده – في أكثر الأحيان – أقرب مما تتوقع، قد تجده يحيط برائحة «شيلة» والدتك، أو مختبئا تحت ياقة قميص طفلك، أو حتى في ابتسامة أحد الغرباء صبيحة يوم العيد، لكن – في الواقع – ستجد كائنات – غير لطيفة طبعا – تحاول أن تسلب منك الفرح الذي أتى بمناسبة هذه المرة دون أن تتكلف عناء البحث، وليس أي مناسبة، بل مناسبة دينية،
شرع الله الفرح بعيد الفطر المبارك، فعلى سبيل المثال تجد أصدقائي المثقفين مفتونين بقاعدة «خالف تعرف»، فرغم إرث المتنبي الضخم لا يتذكرون له سوى «عيد بأية حال عدت ياعيد»، فهؤلاء اهرب منهم هروبك من المجذوم - كما تقول العرب - وبعد أن تتأكد أنك قطعت مسافة بينك وبينهم كافية لاستعادة الفرح ردد –بهجمة مرتدة - بيت المتنبي «لا تلق دهرك إلا غير مكترث.. ما دام يصحب فيه روحك البدن»!
بين الخياط وأحفاد المتنبي «سافلي الذكر» – سافلي من أسفل عزيزي المدقق اللغوي لا يذهب بك الظن بعيدا – تكمن المفارقة المدهشة؛ فالخياط رغم أهميته - الموسمية - يحاول جاهدا أن يجد حلولا لتضاريس جسدك الذي أصبح أقرب لشكل الكثبان الرملية دون أن يسألك سؤالا مستفزا، ثم يعطيك مزيدا من الخيارات التي تساعدك في ستر ما ارتكبته من جرائم بحق جسدك في رمضان، فالخياطة مهنة أنبل من كآبة الثقافة، وكي لا نقسو على المثقفين فإن التوجس من الفرح أحسبها ثقافة مجتمعية؛ فكثيرا ما نسمع أحدهم يردد بعد موجة ضحك عارمة «الله يكفينا شر الضحك»! ، بل إن الضحك قد يعتبر من خوارم المروءة، والتجهم من الوقار، وفي أكثر الأحيان نشعر بالغرابة عندما نجد وجيها أو كبيرا في السن وهو يضحك!
أما الفئة الأخيرة من مناوئي الفرح فلن أقول لك فر منهم فرارك من الأسد، ليس لأن الأسد لدينا لا يوجد إلا في حديقة الحيوان، لكن لأن هذه الفئة ستفر منها إليها، وهم أصحاب أسئلة: «سمنت! شنبك مايل، كبرت.. إلخ»، هؤلاء لا يمكن مواجهتهم إلا بسلاح «مو شغلك» الذي ينبغي تفعيله بدءا من ليلة العيد!


Fheedal3deem@