نبيل عبدالحفيظ الحكمي

مستقبل الصناعات الدوائية وثورة «الذكاء الاصطناعي»

الخميس - 04 أبريل 2024

Thu - 04 Apr 2024

أحدث ظهور الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة في العديد من الصناعات، حيث برز القطاع الدوائي كأحد أهم المستفيدين بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية.

تتنوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير واكتشاف الأدوية، بدءا من تسريع عملية تطوير الأدوية الجديدة إلى تخصيص علاجات دقيقة للمرضى.

سنتحدث في هذا المقال عن كيفية تحويل الذكاء الاصطناعي «التوليدي» إلى الابتكار في تطوير واكتشاف الأدوية وتطبيقاتها الرئيسة وفوائدها، وما هي آفاق المستقبل في هذا المجال.

يكمن قدرة تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على تسريع عملية اكتشاف وتطوير الأدوية، والتي تعد عملية مكلفة جدا وتستغرق وقتاً طويلا، حيث يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخاصة «التعلم الآلي» و«التعلم العميق»، من تحليل مجموعة بيانات ضخمة بسرعة فائقة أكبر بكثير من العلماء والباحثين في المختبرات في بعض التخصصات إلى الآن، وتتيح هذه القدرة الفائقة التعرف السريع على أدوية مبتكرة من خلال التنبؤ من أمانها على المرضى وفعاليتها ضد أمراض محددة.

على سبيل المثال، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي محاكاة كيفية تفاعل مركب محدد مع هدف حيوي معين، ويمكن أيضا لـ«بروتين» معين مرتبط بمرض محدد، أن يتم تقييم إمكانية عمله كعلاج ناجح.

تعرف هذه الطريقة بالاكتشاف الدوائي «in silico»، والتي تقلل بشكل كبير من الحاجة إلى الفحص التجريبي الذي يتم تطويره في العادة داخل المعامل والمختبرات في المراحل المبكرة، مما يوفر الوقت والجهد والموارد.

الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة حاسمة في تقدم الطب الدقيق، الذي يهدف إلى تخصيص العلاجات للمرضى الأفراد بناء على تركيبهم الجيني وأسلوب حياتهم وبيئتهم وذلك من خلال تحليل مجموعات وبيانات كبيرة من التسلسل الجيني، وسجلات الصحة الالكترونية، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحديد الأنماط والعلامات الحيوية التي تتنبأ بكيفية استجابة المرضى لعلاجات محددة.

هذا لا يساعد فقط على تطوير أدوية أكثر فعالية، ولكن أيضا في تجنب ردود الفعل الدوائية الضارة.

أيضا أدوات الذكاء الاصطناعي الآن تستخدم لتصميم علاجات لأمراض السرطان الشخصية، حيث يعتمد العلاج على الطفرات الجينية الفريدة الموجودة في ورم المريض.

إعادة إيجاد استخدامات جديدة للأدوية، وهو مجال آخر يتميز فيه الذكاء الاصطناعي التوليدي.

بما أن تفاصيل هذه الأدوية مفهوم جيدا بالفعل وموثقة، يمكن أن تؤدي عملية إعادة الاستخدام إلى إيصال علاجات جديدة إلى السوق الدوائي بشكل أسرع وبتكلفة أقل مقارنة بتطوير أدوية جديدة من الصفر.

يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي كشف العلاقات المخفية بين الأدوية والأمراض، مما يحدد الاستخدامات العلاجية الجديدة المحتملة.

على سبيل المثال، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأدوية الموجودة التي يمكن إعادة توظيفها لعلاج الأمراض الناشئة، مثل العثور على أدوية يمكن أن تخفف من تأثيرات فيروس كورونا (كوفيد- 19).

التجارب السريرية هي مرحلة حاسمة، ولكن غالبا ما تكون عقبة في عملية تطوير الأدوية.

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحسين تصميم التجارب السريرية عن طريق تحديد المرشحين من المرضى الأنسب للدراسة، مما يحسن كفاءة ومعدلات نجاح التجارب السريرية.

يمكن للنماذج التنبوئية تحليل بيانات التجارب وسجلات المرضى لتوقع نتائج التجارب، مما يساعد الشركات الدوائية على اتخاذ قرارات صحيحة بشأن التجارب التي يجب متابعتها.

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أيضا مراقبة تقدم التجارب السريرية بشكل فعال ومستمر، مما يساعد على تحديد المشكلات مبكرا واقتراح إجراءات تصحيحية فعالة.

غالبا ما تتجاوز تكلفة تطوير دواء واحد مبتكر مليار دولار أمريكي.

حيث يملك الذكاء الاصطناعي التوليدي القدرة على تقليل هذه التكلفة بشكل كبير من خلال جعل كل مرحلة من مراحل تطوير الدواء أكثر كفاءة وفاعلية وذلك من خلال الاكتشاف المبكر وحتى التجارب السريرية وإلى اعتماد الدواء، يمكن للنهج المدفوع بالذكاء الاصطناعي تقصير الجداول الزمنية وتقليل الحاجة إلى التجارب ما قبل السريرية والسريرية المكلفة جدا.

على الرغم من إمكانياته، لا تخلو عملية دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير الأدوية من التحديات.

إن «الخصوصية» و«أمان البيانات» لها أهمية قصوى، تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي على الوصول إلى معلومات شخصية وصحية حساسة.

إن ضمان دقة وموثوقية تنبوءات الذكاء الاصطناعي هو أمر في غاية الأهمية، حيث يمكن أن تؤدي الأخطاء إلى تطوير أدوية غير فعالة أو غير آمنة.

علاوة على ذلك، يجب معالجة الاعتبارات الأخلاقية المتعلقة بعمليات اتخاذ القرار بواسطة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الشفافية والمسؤولية، للحفاظ على ثقة الجمهور.

مستقبلا، من المتوقع أن يتسع دور الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير واكتشاف الأدوية.

حيث تقدم التقنيات الناشئة، مثل شبكات التعارض التوليدي (GANs) والتعلم التعزيزي وغيرها، طرقا جديدة لتصميم وتوصيل الأدوية داخل الجسم بفاعلية، وذلك سيفتح المجال لتطوير علاجات مبتكرة.

nabilalhakamy@