العقيلات.. تجارة على ظهور الجمال

الأربعاء - 03 أبريل 2024

Wed - 03 Apr 2024

في ضوء رحلات العرب والمسلمين إلى بقاع الأرض بغرض التجارة، حَوَت صفحات التاريخ الكثير من القصص الخالدة لأهالي الجزيرة العربية الذين امتطوا رواحلَهم وساروا باحثين عن الرزق والمال؛ مُخلِّفين أثراً ما زال يتردد صداه إلى اليوم.

ومن أولئك التجار المشهورين "العقيلات" وهم عوائل متحضرة من نجد؛ امتطوا ظهور الجمال وطافوا البلدان ما بين الكويت، والشام، والعراق، والهند.وبصحبتهم سِلَعٌ متنوعة مثل السمن، والملابس، والأغذية. بينما اعتمدوا على الإبل في السفر، وكذلكعرضوها للبيع كونها مصدر رزق وأمان غذائي وركيزة أساسية للعيش.

وفي هذا السياق ثمّنت وزارة الثقافة دور الإبلالتاريخي والثقافي، وأطلقت مسمى "عام الإبل 2024" على العام الجاري؛ احتفاءً بقيمتها التاريخية والثقافية التي تمتد لقرون؛ وتُعدُّ رحلات "العقيلات" الممتدة لزهاء 400 عام مصداقاً لعراقة العلاقة بين الإبل ومجتمع الجزيرة العربية.

وقد اختُلف في سبب تسميتهم بالعقيلات، فقيل لأنهم يلبسون "العقال"، وآخرون أشاروا إلىعَقْلِهم الإبل. ولا شك أن التاريخ حافلٌ بمواقف تعكس ترابط "العقيلات" والإبل، ومنها روايةٌ سردها أحمد تحكي ما حدث له هو ووالده العقيلي عبد الله بن محمد الأحمد الذي ولد في بريدة عام 1317هـ،وتوفي فيها عام 1400هـ.

وتبدأ القصة منذ شرائهم إبلاً من الأحساء في شرق الجزيرة، وحين أكملت رَعْيَتَين وانسجمت مع بعضها البعض أرادوا التجارة، غير أن رجالاً من العقيلات أخبروهم وهم في وادي السرحان بأن"السوق نائم في الأردن والشام وفلسطين".

وقرر العقيلي عبد الله أن يقصد السوق ويترك وراءهمن معه يرعون الإبل، إلى أن أرسل إليهم "السوق اعتز، امشوا"، وما إن وصلوا حتى ركد السوق،وعزموا على الانطلاق إلى فلسطين، إلا أن عبورهممن طريق وادي الغور حيث كان الماء غزيراً؛ تسبّب بسقوط عشرة من الإبل في وسط المجرى، ليوكلواإلى فلاحين إخراجَها مقابل دينار للجمل الواحد.

وبعدئذ أكملوا رحلتهم صوب فلسطين ما بين مدينة اللد ومدينة بئر السبع ومدينة غزة، وباعوا الإبل، وما بقي منها أُعجب به تاجر في طريق عودتهم من مصر، وقد علّق أحمد قائلاً: "بعناها بمكسب طيب، ثم اتجهنا إلى العراق".