نمر السحيمي

دور الإخونجمية في تهديد الدين والوطنية

الأربعاء - 03 أبريل 2024

Wed - 03 Apr 2024

أمران سوف تحارب فيهما وستخضع لامتحان صعب بشأنهما؛ فإياك أن تتزعزع: دينك ووطنيتك.

فـ (الدين) هو: نهج حياتك في الاعتقاد والعبادة ثقة في موعود الخالق في الآخرة، و(الوطنية) هي: الانتماء والهوية التي تحفظ بهما كرامتك في الدنيا.

فما هي المهددات للدين والوطنية؟
أول تهديد للدين الحق الذي تؤمن به هو أن تحيا غريبا بين أفراد لبسوا عباءة الدين من أجل مكاسب الدنيا، فإن سايرتهم على باطلهم خالفت النهج المستقيم الذي ثبتك عليه الحق، وإن واجهتهم واجهت السلالات المتسلسلة المحتكرة لمناصب الدنيا باسم الدين، فلا تدري حينذاك من أي ثغرة يقضون عليك ولا من أي نافذة ينالون منك، ولا من أي ساحة يسقطونك.

الوحيان في صدورهم حسب زعمهم، والمؤسسات الدينية والعلمية والفكرية تحت تصرفهم، والشعب أسفل منهم، وهم الموثوقون الذين لا توقف مسيرة احتكارهم ولا طوابير صناعة أجيالهم، يشعرون بثبات لا يتزحزح ويتحكمون في مكاسب مزمنة لا يمكن أن يشاركهم فيها غريب.

فإن ابتليت بمخاشرة هؤلاء فاصبر؛ فإنه الامتحان الصعب، وإياك أن تشك في عدالة الدين الحق الذي جاء به الأنبياء والرسل، وإياك أن تعتقد أن هؤلاء يمثلون دين التسامح والرحمة، وإياك أن تحتكم إليهم باعتبارهم الموقعين عن الله، فالله قال في كتابه الكريم (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحور)، وقد خسر من اختار العاجلة بظلم الناس.

هذا المهدد للدين هو أقوى المهددات بالنظر إلى الآثار السلبية ودورها في زعزعة المعتقد الحق؛ فليس أسوأ من أفعال المتلبسين بالدين الذين يقولون ما لا يفعلون و(كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)، ومن أخطر ما يهدد الأمة أن لا يتوافق الخطاب الديني الذي يضج به البعض على المنابر وهو يخالف الواقع، ومن أمثلة المتلبسين بالدين المهددين له جماعة الإخوان وفرقة الجامية وغيرهم ممن اختار العاجلة.

وبالنسبة للوطنية فأول تهديد لها هو أن يستخدمها المتلبسون بعباءة الدين، وأن يندسوا فيها في مرحلة مداهنتهم التي يعملون على تطبيقها تحت حكم الدولة الظاهرة عليهم، ففي هذه المرحلة يخترقون مؤسسات الدولة ويحتكرون وظائفها السيادية ويصنعون الصفوف بعد الصفوف حرصا على الدنيا وتحينا لفرص الانقضاض على ما هو أكبر وهو الوصول إلى السيادة وكرسي الحكم.

وحديثي هنا هو عن الامتحان الذي سوف يتعرض له المواطن من وراء هذا المهدد لوطنيته في مرحلة مداهنة المتلبسين بعباءة الدين، ويتمثل هذا التهديد في عدة صور منها:
أولا: التشديد على المواطنين والأخذ بما يضيق عليهم من بنود الأنظمة التي تتدرج بين التيسير والتسديد.

ثانيا: التمييز المذهبي بين المواطنين إذا تم تحكيم المتلبسين بعباءة الدين في مقابلات الوظائف واختيار الطلاب والطالبات للتخصصات العلمية.

ثالثا: استخدام ثغرات الأنظمة لإقصاء من يعلمون عنه أو من حاله الولاء للوطن وقيادته، باعتبار وجود هذا المواطن في الوظائف المحتكرة لهم يتعارض مع نهجهم المنحرف وأهدافهم الاستراتيجية.

رابعا: إبعاد الكفاءات الوطنية وإغراق المؤسسات الحكومية والعلمية بمواطنين لا يملكون المؤهلات ولا تنطبق عليهم شروط الوظائف القيادية والسيادية؛ لاستمرار مسيرة احتكارهم دون منافسة من الكفاءات، والهدف هو تضليل المؤسسات الرقابية بأن الاختيار يخضع للعدالة والمساواة.

خامسا: استهداف الرأي العام بإثارة وغبن المزيد من المواطنين والمواطنات من خلال التشديد بالأحكام القضائية أو الأنظمة التي تخضع لسلطتهم تأسيسا أو تطبيقا.

سادسا: تعمد تعقيد قضايا المواطنين واستخدام مسار معقد جدا أو عدم حلها أصلا لزيادة معاناة المواطنين وحملهم على أخذ موقف سلبي من أنظمة مؤسسات الدولة.

والحقيقة أن تهديد الوطنية من قبل المتلبسين بعباءة الدين يأخذ عشرات الصور تستهدف في مجملها تهديدا مباشرا للوطنية.

وما أوصي به المواطن المخلص لوطنه وقيادته إذا تعرض لمثل هذه الصور المؤلمة أن يصبر، وأن لا يشكك في حرص قيادته على التمسك بكتاب الله وصحيح سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، هذا التمسك الذي جعل الدولة تؤسس كل أنظمتها على نصوص الوحيين وتلتزم بالعدالة والمساواة بين مواطنيها.

وقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات كبيرة في سبيل القضاء على كل ما يهدد الدين الوسطي السمح الذي تأسست عليه، وكل ما يهدد الوطنية التي تحفظ للمواطنين والمواطنات كرامتهم وعزتهم على أرض وطنهم الطاهرة التي اختار الله لها خير قيادة.

وجاءت خطط وبرامج ومشاريع رؤية المملكة 2030 لتفكك كل ما حاكه أعداء الدين والوطنية؛ ليتم القضاء عليهم بإجراءات محكمة تضمن هلاك تلك الفايروسات المخترقة والمتلبسة مفاصل جسدنا الوطني دون أن يتضرر هذا الجسد بإذن الله تعالى.

alsuhaimi_ksa@