عبدالله العولقي

قراءة المستقبل لدى الشركات العالمية

الاثنين - 01 أبريل 2024

Mon - 01 Apr 2024

يعتبر اتخاذ القرارات الاستراتيجية لدى الشركات الكبرى من أصعب المهام، حيث يتم دراستها بعناية شديدة، ولذا شرعت معظم الشركات العالمية تهتم بعلم المستقبليات التنبئية FUTURLOGY، كونه يعد أداة مساعدة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وحتى تتضح الصورة أكثر، نعود إلى حكاية شركة نوكيا الشهيرة، تلك الشركة التي قرأت مستقبل الأجهزة الالكترونية بذكاء فريد، واستطاعت أن تتحول من صناعة أوراق التواليت إلى مجال صناعة أجهزة الاتصالات، وفي ظرف سنوات معدودة أصبحت الشركة العالمية الأولى.

كان هذا التحول التاريخي حينها بمثابة درس إداري جديد في صحة قراءة المستقبل والجرأة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية التحولية، وهكذا استمرت شركة نوكيا متسيدة لهذا القطاع حتى تم اتخاذ قرار استراتيجي خاطئ بناء على قراءة تنبئية غير صحيحة نحو مستقبل شاشات اللمس التي ابتكرتها شركة أبل الصاعدة في ذلك الوقت، فأصرت الإدارة التنفيذية في شركة نوكيا على إبقاء منتجاتها بطريقة الأزرار التقليدية وعدم الخوض في هذه التقنية الحديثة، فماذا كانت النتيجة؟ خروجها النهائي من الأسواق العالمية وإغلاق مصانعها إلى الأبد!!

وهنا يأتي التساؤل، لماذا نستدعي الآن حكاية نوكيا؟الحقيقة تكمن عند شركة أبل التي تحولت - كما أسلفنا - بفضل تقنية شاشات اللمس إلى الشركة الأولى عالميا بعد أن أزاحت نوكيا عن عرشها، فقد قررت الإدارة التنفيذية في أبل قبل عشرة أعوام أن تقتحم مجال صناعة السيارات الكهربائية بعد قراءة تنبئية مستقبلية لهذا المجال الواعد، وبعد محاولات استمرت لعقد من الزمان قررت قبل عدة أسابيع إغلاق كافة مصانع السيارات الكهربائية التابعة لها وإغلاق هذا الملف نهائيا بعد أن اعترفت إدارتها بقراءتها الخاطئة لمستقبل هذه الصناعة.

هذا الموضوع يقودنا أيضا إلى أمر آخر يتعلق بشركة تيسلا الأمريكية، الشركة العالمية الأولى في صناعة السيارات الكهربائية، والتي بفضلها تحول مالكها إيلون ماسك إلى أغنى شخصية في العالم، هذه التحولات الطارئة التي أحدثتها شركة تيسلا خلقت دراسات تنبؤية متباينة حول مستقبل هذه الصناعة، فأغلب مصانع السيارات العالمية في اليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا شرعت بالتحول نحو هذه الصناعة الجديدة، عدا شركة تويوتا اليابانية، ولا شك أنها أهم معاقل صناعة السيارات حول العالم، فقد رفضت إدارتها التنفيذية الانسياق وراء تلك الهرولة الصناعية، الأمر الذي جعل بعض الكتاب يشبهها بشركة نوكيا عندما قرأت المستقبل بطريقة خاطئة، وأنها في طريقها نحو الانهيار، إلا أن الأيام أثبتت صحة قراءة شركة تويوتا للمستقبل - على الأقل في المستقبل القريب -، فما زال هذا القطاع يعاني في موضوع البطاريات الكهربائية وهي عنصر أساسي في الصناعة، بالإضافة إلى صحة نبوءة تويوتا تجاه موضوع الوقود الأحفوري التقليدي واستحالة الاستغناء عنه.

خاتمة القول.. قراءة المستقبل التنبئية هي محور اتخاذ القرارات الاستراتيجية في الشركات الكبرى، لكن هل يعتري الحظ تلك الدراسات؟ فعلى الرغم من توجه معظم شركات السيارات إلى تلك الصناعة الواعدة بما فيهم شركات التقنية كأبل، إلا أنهم جميعا يعانون اليوم تجاه مشاكل البطاريات الكهربائية، فهل نجحت تويوتا في قراءة مستقبل هذه الصناعة، على الأقل في المستقبل القريب؟

albakry1814@