محمد عبدالله القرني

التلفزيون على غرار الصحافة الورقية

الاحد - 31 مارس 2024

Sun - 31 Mar 2024

ارتبطت الأعمال التلفزيونية تاريخيا بشهر رمضان الكريم، حيث إن أشهر الأعمال العربية والخليجية والسعودية عرضت للمرة الأولى على الشاشة واشتهرت في شهر رمضان، وكان وإلى وقت قريب جدا تفاعل الناس مع الأعمال تفاعلا كبيرا ورواجا واسعا وجدالات فنية حول الأعمال وترند لبعض الأعمال طيلة شهر رمضان، بالإضافة إلى البرامج الحوارية المميزة وبرامج المسابقات ذائعة الصيت وغيرها من الأعمال المخلدة في ذاكرة الشعوب العربية والتي ترسخت في عقول العامة بشكل كبير جدا.

لا نقلل في إمكانيات الفنانين في وقتنا الراهن ولا نلومهم بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب التغير الحاصل في الوسيلة والجمهور ما انعكس على القائمين بالاتصال وخلق حالة من الضعف الإعلامي المرئي تلفزيونيا فقط، على سبيل المثال لو تساءلنا عن أسباب قلة عدد البرامج الحوارية في رمضان؟ أعزي ذلك إلى «هبة» البودكاست المنتشرة في اليوتيوب، بطريقة أسهل وأبسط وأقل تكلفة وعلى مدار العام وفي أي وقت يستطيع القائم بالاتصال في البودكاست نشر محتواه على قناته الخاصة في اليوتيوب.

هذا من ناحية البرامج الحوارية أما من ناحية المسلسلات فقد نشاهد الفارق بوضوح، الناس أصبحت تريد المختصر المفيد لذلك يلجأ العديد من المنتجين والكتاب إلى إنتاج الأعمال القصيرة ذات الثمانية حلقات أو أقل أو أكثر بقليل، ونشرها بعد ذلك على منصة معينة باشتراكات شهرية وسنوية.

الغريب في الأمر أن التلفزيون يسير على خطى الصحافة الورقية ولكن! ما يمكن اغتفاره للصحافة الورقية ولا يمكن أن يغفر للتلفزيون هو عدم استيعاب التلفزيون للتطورات في الإعلام، فعندما نقارن نرى بأن طريقة تآكل الصحافة الورقية تختلف تماما عن التلفزيون، فالصحافة الورقية لم تصارعها وسائل اتصال أخرى فقط بل الزمن وعصر السرعة والإنترنت وبرامج السوشيال ميديا، أما بالنسبة للتلفزيون فالإعلام المرئي كما هو سواء على منصة أو يوتيوب أو شاشة التلفاز، ومع ذلك نرى بطئا في استيعاب المشهد، فما تزال مسلسلات التلفزيون مبرمجة على الثلاثين حلقة مليئة بالحشو مملة للمشاهد الذي يرغب بتفنيد القصة بشكلها الكامل دون الحشو وباختصار.

كما نلاحظ بأن بعض المنتجين والفنانين والكتاب ينجحون في أعمال المنصات القصيرة ويفشلون على شاشة التلفاز في رمضان بسبب التركيز على القصة وجودة المحتوى والأداء في العمل القصير بشكل أكبر؛ لذلك على التلفزيون تغيير العديد من سياساته وبرمجته وأن يصبح اكثر مرونة وأن يستوعب المشهد قبل فوات الأوان، الجمهور تغيرت ديناميكيته وتركيبته، لم يكن يشغل المتلقي عن وسيلة النقل أي عوامل كالإنترنت والسوشيال ميديا والمنصات المختلفة؛ لذلك نجح التلفزيون وترك أثره وخلدت بعض أعماله قبل عصر السرعة والقليل المفيد، على رغم من رغبه الناس بتلك الأعمال المختصرة والسريعة بجودة عالية إلا أن سلبيتها بأنها لا يمكنها أن تترك أثرا أو تخلد في الذاكرة.

أخيرا، ومع التغيرات التي حصلت للإعلام المرئي والمكتوب وبغض النظر عن الوسيلة وطريقتها يبقى القائم بالاتصال والإعلامي الحقيقي هو مصدر الثقة وعليه أن يحافظ على مكانته عبر اتباعه للتقاليد الصحفية والإعلامية وأن يطبقها بكل أمانة وإخلاص في سبيل المهنة والمحافظة على دورها كسلطة رابعة مؤثره وفعالة.

m_a_algarni509@