محمد علي الحسيني

فقه ليالي العشر وليلة القدر

الخميس - 28 مارس 2024

Thu - 28 Mar 2024

إن المسلم الصائم الملتزم بشروط الصيام ينال في الشهر الكريم الأجر والثواب، والمسلم الغافل أو المقصر ينال الحرمان الأكيد.

فالمسلم يصنع لنفسه وجودا في الجنة عبر عمله الصالح وطاعته لربه وإخلاصه، والذي يستغل فرصة الضيافة الإلهية له وما فيها من الخيرات والبركات والمغفرات والعفو والرحمة والعتق من النار في شهر الصيام، إذا عمل واجتهد فيه.

فالأوقات ليست سواسية، فبعض الأوقات لها الأفضلية على بعضها الآخر، والله اختار وقتا مقدسا للأمور المقدسة، ومنها الليالي العشر من شهر رمضان المبارك، ففيها فضل عظيم وأجر كريم، خصوصا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) كان يحيي العشر الأواخر من شهر رمضان ويهتم كثيرا بمضاعفة أعماله، حتى إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، كما جاء عنه في الصحيح.

مكانة ليلة القدر
إن القدر هي الليلة الجليلة التي شرفها الله وأعلى فضلها بقوله تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر»، وإن تعظيمها يجعلنا نتساءل عن أسرار هذه الليلة، فقيل: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل، وبيان إتقان صنعه وخلقه. وقيل: سميت بليلة القدر، من القدر وهو الشرف.

وقيل: لأن للقيام فيها قدرا عظيما، لقول النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار): «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».

فليلة القدر هي ليلة عظيمة مباركة أنزل فيها القرآن، ووعد الله فيها عباده بالتوبة وعتقهم من النار، قال تعالى: «إنا أنزلنه في لیلة مباركة إنا كنا منذرین فیها یفرق كل أمر حكیم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلین»، وجعلها الله ليلة تغفر فيها كثرة الذنوب وتستر فيها العيوب، حتى سميت بليلة المغفرة.

وتأكيدا على ذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار): «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».

فضل إحياء العشر الأواخر وأعمالها
إن فضل إحياء العشر الأواخر هو لوجود ليلة القدر في إحدى الليالي الوترية، فقد أوصى النبي بإحياء ليلة القدر بالدعاء والصلاة والقرآن، فعنه (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) أنه قال: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان».

وجاء في الروايات أن النبي الأكرم كان في العشر الأواخر من رمضان يجمع فراش نومه ويحيي الليالي العشر، ومنها ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، ويقدر الله تعالى فيها أمور السنة كلها.

ومن الأهمية بمكان أن نقبل جميعا لقراءة القرآن، باعتبارها ليلة مرتبطة بنزوله المبارك.

ومن المهم التأمل في آيات الذكر الحكيم للعمل بها، وجعل القرآن الكريم المصباح الذي ينير حياتنا، وإحياء لياليها بالصلاة وقيام الليل والدعاء والتوسل والبكاء، وإحياء نهارها بأعمال البر، من صدقة وإحسان للفقراء والمساكين وتقديم المساعدة للمحتاجين، والمسارعة إلى طلب المغفرة والتوبة، لقوله تعالى: «وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين» .

خلاصة فقه الليالي العشر وليلة القدر: إن الله عز وجل اختار من الليالي في السنة الليالي العشر الأخيرة في شهر رمضان، واختار منها ليلة القدر، وهي ليلة ذات مقام رفيع، وليلة القضاء والتقدير، وهي خير من ألف شهر، وذلك لمكانتها العظيمة وبركاتها الكثيرة ونفحاتها النورانية ومنزلتها الكبيرة.

من هنا ندعو من فاته إحياء هذا الشهر إلى تحين الفرص، بالتقرب إلى الله في هذه الليالي الأخيرة من شهر رمضان الفضيل للفوز برضوان الله ومغفرته.

ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين أحيوا ليلة القدر وفاز بالمغفرة، ومن الذين أدخلهم الله عز وجل في رحمته وأعتقهم من النار.


sayidelhusseini@