عبدالمعين عيد الأغا

«أنسولين قاعدي أسبوعي» بشرى للسكريين

الثلاثاء - 26 مارس 2024

Tue - 26 Mar 2024

«اللهم لك الحمد والشكر»، بهذه الكلمات أستهل مقال اليوم الذي يحمل في سطوره بشرى لمرضى السكري، ذلك المرض الذي شكل تحديا كبيرا في المنظومات الصحية على مستوى العالم.

فمعروف صحيا أن داء السكري من الأمراض الذي تترتب عليه انعكاسات عدة ومضاعفات على سائر أعضاء الجسم، وبالتالي فإن المصاب به عليه الحذر طوال الـ24 ساعة، تفاديا لأي أعراض مرتبطة بانخفاض أو ارتفاع نسبة سكر الدم.

قبل قرن (100 عام) وتحديدا في 1921م، بدأت قصة اكتشاف «الأنسولين» على يد البروفيسور فريدريك بانتنج، إذ نجح مع فريقه البحثي في استخلاص وتنقية الأنسولين لاستخدامه في علاج البشر، وفي 1981م تم إنتاج أول سلالة من الأنسولين (البشري) بوساطة تقنية الهندسة الوراثية.

بينما في 1996م، تطورت صناعة عقار الأنسولين إلى إنتاج سلالات جديدة سُميت بـ»نظائر الأنسولين»، سواء كانت سريعة المفعول (التي تحقن قبل تناول الوجبات)، أو طويلة المفعول (التي تحافظ على سكر الدم في المستويات الطبيعية) بين الوجبات وخلال فترة النوم.

واليوم، نشهد تطورات مذهلة في مجال داء السكري سواء التشخيصية أو العلاجية.

كما أن ثورة التكنولوجيا التي شهدها مجال إدارة السكري، ساعدت المرضى كثيرا في التحكم بمرضهم والسيطرة على حالتهم.

وجديد التطور الذي شهدته ساحة الطب في مجال السكري، صدور موافقة الهيئات المنظمة في أوروبا قبل أيام على استخدام «الأنسولين القاعدي» طويل المفعول أويكلي (Awiqli)، والذي يستخدم مرة في الأسبوع بعد أن أثبتت الدراسات فعالية العلاج لمرض السكري بنوعيه، إذ شملت التجارب السريرية 4000 بالغ مصاب بداء السكري من النوع 1 أو النوع 2، بما في ذلك تجربة مع عناصر من العالم الحقيقي، وقد أظهرت النتائج أن الأنسولين الجديد القاعدي، مرة واحدة أسبوعيا، حقق انخفاضا فائقا في نسبة السكر في الدم، ووقتا أطول في النطاق (الوقت الذي يقضيه ضمن نطاق السكر في الدم الموصى به)، مقارنة بالأنسولين القاعدي اليومي.

ومن هنا، فإن المرضى بدلا من أخذهم الأنسولين القاعدي يوميا وتعرضهم للحقن 7 مرات في الأسبوع، فإن الأنسولين القاعدي الجديد يخفف عنهم المعاناة، ويسهم في منحهم الراحة بأخذه مرة واحدة في الأسبوع.

ويستجيب الأنسولين الجديد الذكي لمستويات السكر في الدم، لتوفير التحكم لأسبوع دون أي حوادث انخفاض لنسبة السكر في الدم، وبذلك يعد نقلة نوعية كبيرة لمرضى السكري، تضاف إلى سلسلة الإنجازات التي تحققت طوال السنوات الأخيرة.

وحتى لا يحدث اللبس عند البعض، وتحديدا مرضى السكري، فإن الأنسولين القاعدي طويل المفعول لا يغني عن الأنسولين الخاص بالوجبات، فمعروف طبيا أن علاج الأنسولين معتمد على نوعين من الأنسولين: الأنسولين القاعدي طويل المفعول، والأنسولين الخاص بالوجبات.

فالقاعدي الذي كان يعطى يوميا يصبح الآن - كما أشرت - بصفة أسبوعية، وفي ذلك تخفيف للمرضى من عناء الأنسولين القاعدي اليومي، ومع ذلك فإنهم مستمرون أيضا بشكل يومي مع أنسولين الوجبات.

أخيرا.. تظل ساحة الطب مفتوحة في مجال علاج مرضى السكري، لتحمل لنا كل يوم البشرى. فكل ما تحقق إلى الآن ـ بفضل الله ـ هو نتاج سنوات من الدراسات والأبحاث والتجارب السريرية، وفي ذلك استقرار لصحة المرضى وسعادتهم ورفاهيتهم، بما يحقق لهم التمتع بجودة الحياة أسوة بالأصحاء، ومن هذا المنطلق أتمنى أن تكون الفكرة وصلت لجميع أصدقاء السكري، الذين استفسروا وبعثوا لي بأسئلتهم عن الأنسولين الجديد القاعدي طويل المفعول.