حسين باصي

الضفادع تولد الكهرباء

الاثنين - 25 مارس 2024

Mon - 25 Mar 2024

لطالما ظل فهم الكهرباء لغزا يحير العلماء لقرون.

وربما أيضا، ما زالت هذه الحيرة مستمرة.

إن هذا الموضوع من أصعب المواضيع في الدراسة للمرحلة المدرسية والجامعية، لكن في أواخر القرن الثامن عشر أجريت تجربة غيرت مجرى التاريخ وأرست الأساس لعلم الكهرباء الحديث.

ينسب الفضل في اكتشاف الكهرباء بشكل عام إلى العالم الإيطالي لويجي جالفاني (1737-1798).

في عام 1780، وبينما كان جالفاني يقوم بتشريح ضفدع مشرح، لاحظ بالصدفة ارتعاش في أرجل الضفدع الميتة عندما لامس عصبها بطرف مشرط مصنوع من المعدن.

في البداية، اعتقد جالفاني أن هذه الظاهرة ناتجة عن «كهرباء حيوانية» خاصة بالضفادع.

إلا أن عالما آخر يدعى أليساندرو فولتا (1745-1827) كان له رأي مختلف.

لم يقتنع فولتا بفكرة الكهرباء الحيوانية.

وأجرى تجاربه الخاصة باستخدام المعادن المختلفة.

اكتشف فولتا أنه عندما يقوم بربط لوحين من معدنين مختلفين، مثل النحاس والزنك، بمحلول ملحي، يتدفق تيار كهربي بينهما.

في عام 1800، ابتكر فولتا أول بطارية كيميائية عملية، والتي أطلق عليها اسم «الكومة الفولتية» (Voltaic Pile).

بطارية فولتا كانت مكونة من أقراص متناوبة من النحاس والزنك، مفصولة بقطع من الورق المشبع بالمحلول الملحي.

وفرت هذه البطارية تيارا كهربيا ثابتا لأول مرة، مما مهد الطريق لتطوير العديد من التكنولوجيات الكهربائية الأخرى.

في حين ينسب اختراع البطارية إلى فولتا، هناك اكتشاف أثري مثير للجدل يعرف باسم «بطارية بغداد».

وهو عبارة عن جرة فخارية صغيرة عثر عليها في العراق ويعود تاريخها إلى حوالي 2400 قبل الميلاد.

تحتوي الجرة على قضيب حديدي موضوع داخل أسطوانة نحاسية.

وقد اقترح بعض العلماء أن هذا الجهاز القديم قد يكون بطارية كهروكيميائية مبكرة.

ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع على استخدام بطارية بغداد كمصدر للطاقة الكهربية.

ويعتقد علماء آخرون أن هذا الجرة ربما استخدمت لأغراض أخرى، مثل الطلاء بالكهرباء.

سواء كانت بطارية بغداد أداة كهربائية أم لا، فإن تجارب جالفاني وفولتا تمثل لحظات فارقة في تاريخ فهمنا للكهرباء.

لقد مهدت هذه الاكتشافات الطريق لتطوير جميع التكنولوجيات الكهربائية الحديثة التي نعتمد عليها اليوم.

ومن المثير للدهشة أن نرى كيف بدأ هذا المجال العلمي المهم بتجربة بسيطة باستخدام ضفدع مشرح.

تلك التجربة كانت واحدة من العديد من التجارب التي بدأت من الصدفة والملاحظة.

وهذا المفهوم يعزز فكرة التجربة التي لطالما كانت هي الأساس.

لو راقبنا التعليم المتطور في الكثير من الدول لوجدنا الاهتمام كبير في التعليم ومفاهيم البحث العلمي منذ المراحل الأولى في المدارس.

HUSSAINBASSI@