هل تواجه دول الشرق الأوسط خطر العطش؟

محللة أمريكية: الناتج المحلي العربي يتراجع بنسبة 14% بسبب ندرة المياه
محللة أمريكية: الناتج المحلي العربي يتراجع بنسبة 14% بسبب ندرة المياه

الاثنين - 25 مارس 2024

Mon - 25 Mar 2024




نهر الفرات بالعراق يتعرض للجفاف                                  (مكة)
نهر الفرات بالعراق يتعرض للجفاف (مكة)
رغم أن الحضارات الإنسانية التي انطلقت من منطقة الشرق الأوسط، نشأت في أحضان الممرات المائية، إلا أن الدول العربية على وجه الخصوص، قد تواجه العطش في السنوات المقبلة بسبب ندرة المياه.

تحذير خطير قادم من الولايات المتحدة الأمريكية، على لسان المحللة ناتاشا هول، خبيرة برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، التي تؤكد أن عقودا من سوء إدارة المياه أدت إلى سوء حالة أراضي المنطقة، واستنزاف الموارد المحدودة، وأصبحت الممرات المائية الشهيرة في المنطقة تختفي أمام الأعين، وتحولت أنهار كانت هادرة يوما ما، إلى مجرد جداول مياه يمكن عبورها سيرا على الأقدام.

وترى أن كثيرا من حكومات الشرق الأوسط تواجه مستويات غير مسبوقة من الديون والعنف والبطالة، مما يجعلها عرضة للخطر.

تراجع الناتج
تشير هول، التي تتمتع بخبرة أكثر من 15 عاما كمحللة، وباحثة وممارسة في مجال الطوارئ الإنسانية المعقدة، والمناطق التي تشهد صراعات، خاصة الشرق الأوسط، أنه يتعين على بعض حكومات الشرق الأوسط السعي بجدية إلى مواجهة المستويات المتزايدة من انعدام الأمن المائي، في وقت يشهد تحولا في الطاقة من الوقود الأحفوري، صاحبه عدم استعداد الدول المانحة للاستمرار في تقديم المساعدات، وتحول الاهتمام الدولي بعيدا عن المنطقة.

وتقول في تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن من المتوقع أن تؤدي ندرة المياه المتعلقة بالمناخ، والتي تمثل أكبر التحديات، إلى خفض إجمالي الناتج المحلي في الدول العربية بنسبة حوالي 14% بحلول 2050.

توتر مائي
تواصل الحكومات والأطراف المعنية الأخرى ممارسات الماضي، الخاصة بالإدارة غير المستدامة للماء، وإصلاح ذلك أمر صعب بسبب عقود من التصرفات والسياسات غير المستدامة الراسخة طوال أجيال، ويعد تفهم كيفية الوصول إلى هذا الحال أمرا مهما لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة سياسيا.

وبحلول 2050، ستعيش كل دولة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ظل توتر مائي شديد للغاية، وإذا ما ارتفعت درجة الحرارة بواقع 4 درجات مئوية، ستشهد المنطقة انخفاضا بنسبة 75% بالنسبة للمتاح من المياه العذبة.

الأكثر عرضة
من المتوقع أن تشهد دول كثيرة في المنطقة ارتفاعا في درجة الحرارة يبلغ حوالي 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، والدول الأكثر عرضة لتغير المناخ والأقل استعدادا للتكيف، هي أيضا تلك الدول التي تؤثر عليها الحروب، فدول مثل: سوريا، واليمن، والعراق، ولبنان، والأردن، إما متورطة في صراعاتها الخاصة، أو متأثرة بالعنف الذي تشهده دول مجاورة لها.

ويعرض انعدام الأمن المائي للخطر تلك الدول المتأثرة بالحروب، أكثر من غيرها، ولكن تلك الأزمات يمكن أن تمتد عبر الحدود.

ونتيجة ذلك، فإن الإخفاق في تحسين إدارة المياه والتكيف مع المناخ المتغير يهدد الأمن الإقليمي والدولي.

علاقات حساسة
تغلغل الشعور بالاستخدام غير المستدام للماء في النسيج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمعات، ومن أجل تجنب حدوث هزة في العلاقة الحساسة بين الحكومات في الشرق الأوسط ومواطنيها، اتجهت المشروعات المرتبطة بالمياه إلى التركيز على وقف الإجراءات التي تزيد من إمدادات المياه، وليس لتحقيق الإصلاح الشامل.

ويبدو أن بعض حكومات المنطقة تنتظر التكنولوجيا أو تحلية المياه لتنقذها، ولكن معظم الخبراء متفقون على أن تحلية المياه باهظة التكاليف، وتحتاج إلى قدر كبير للغاية من الطاقة، وتنطوي على عدد لا حصر له من التداعيات البيئية المحتملة، مما يجعل من الصعب اللجوء إليها لتوفير كل احتياجات البلاد من المياه.

سرقة وتسرب
ليس من المحتمل أن تحل التكنولوجيا وحدها المشكلة، وعلى سبيل المثال، لجأت بعض الدول إلى الاستعانة بآليات قوية، مثل نظام جمع ومراقبة البيانات والتحكم فيها، المعروف اختصارا بنظام «سكادا»، الذي يتيح لمديري المرافق اكتشاف أي تسريبات والاطلاع على أحدث المعلومات الخاصة بضغط المياه والتغيرات في تدفق المياه.

ولكن إذا ما تم اكتشاف حالات سرقة أو تسرب ولم تتوافر إرادة سياسية للتعامل مع السرقة، أو مع المتخصصين لإصلاح التسرب، حينئذ تعد مثل هذه التكنولوجيات عديمة الجدوى.