عبدالله قاسم العنزي

القانون في رمضان

الاحد - 24 مارس 2024

Sun - 24 Mar 2024

حينما نتحدث عن القانون فإننا نتحدث عن الانضباط والذي يعد من القضايا الجوهرية في عالم اليوم الزاخر بالتغيرات، وهو عامل أساسي من عوامل الارتقاء الحضاري وهو أيضا عنصر من عناصر التحدي للتخلص من التبعية والفرار من التخلف، حيث يشكل سلوك الانضباط الذاتي للأفراد أقوى سلاح في ضبط النفس ويعتبر المحور البارز في بناء المجتمع وتنميته وتطويره، لا سيما عند إدراك (المواطنين) أنهم هم من يحددون مصير الدولة المتقدمة بكل قوتها هي وشعبها إلى رؤية 2030.

إن من أسرار النجاح للدول المتحضرة والمتقدمة راجع إلى التزام شعبها بسلوك الانضباط في العمل، ونحن المسلمين في شهر رمضان المبارك مطالبون شرعا بالالتزام بالعمل في وقته المحدد، فقد يتقاعس الإنسان عن أداء عمله في شهر رمضان وهو يعد مثلبا في شخص ذلك الموظف، فالذي نريد (إيصاله للقارئ) أن شهر رمضان شهر انضباط وتحد وترويض للنفس على الالتزام بالقانون سواء القانون الذي يحكم سلوك الإنسان في مجتمعه أو قانون القيم الأخلاقية والدينية التي تحكم انضباط الذات لدى الإنسان.

يعرف الانضباط بمفهومه اللغوي على الحفظ والحزم وهو مشتق من لفظ ضبط، يضبطه ضبطا، وهو لزوم الشيء وحبسه، ويقال فلان لا يضبط عمله إذا عجز عنه، ورجل ضابط أي قوي على عمله، ومعاني الانضباط تتنوع فهو ضبط الميول والسلوك إما بإرادة الفرد نفسه أو بتأثير سلطة خارجية وهي (القانون).

إن موظفي الدوائر الحكومية وغيرها مطالبون بالانضباط وتأدية المهام والخدمة للمستفيدين، والذي يطالب به الموظف سيطرته على قوته الذاتية لتنفيذ العمل في شهر رمضان الذي قد يكون هناك عامل نفسي لشيء من التسيب!!.

إن الانضباط في العمل أساسه النظام الداخلي للمؤسسة وهو بمثابة النقطة الأساسية في السلم الإداري بارتكاب خطأ واحد مضر ليس على الموظف نفسه إنما على المؤسسة التي يعمل فيها؛ ولذا يعاقب من طرف رئيسه المباشر، حيث يكون المسؤول المباشر مكلف بمعالجة الأخطاء الصغيرة والمسؤول الأعلى في السلم الإداري يعاقب على الأخطاء الخطيرة التي وقعت ولم يعالجها في حينها.

إن القانون يضبط سلوك الموظفين إذا كان واقعا مشاهدا في العمل، وأول من يطبقه مدير الدائرة أو الوزير ليكون سلوكا مؤسسيا ليس حبرا على ورق! وضبط المسؤوليات والمهام والأوقات وأموال المؤسسة وسمعتها كله يحميه القانون ويضبط سلوك الموظفين تجاه هذه المسؤوليات على مختلف مستوياتهم الوظيفية.

وعودة إلى ضبط النفس هي أفضل أنواع الرقابة وهي تعني قيام الموظف بمراقبة نفسه بنفسه أي العمل بجد وأمانه وولاء دون الحاجة لتقييم مدير أو رقابة عين الرقيب؛ فضمير الإنسان أقدر على ضبط السلوك خصوصا إذا كان متقيدا في تعليم ديننا الحنيف.

أعتقد أن الانضباط يبدأ من الأسرة والمدرسة وتربية الأجيال على التفاني في العمل والقيام بالواجب قبل الحقوق مطلب ضروري وتربية الأسرة أطفالها على حب الوطن وحب العمل وتنمية روح التعاون مع الجماعة وغرس حب الوطن في الأطفال كلها أمور تشكل العنصر الأساسي في ترقية الوطن في مصاف الدول المتقدمة فهي التي تدفع الجيل الجديد إلى حب العمل وحب النجاح الجماعي وحب التباهي بالوطن ونجاحاته.

ختاما، يقول مالك بن نبي (على المجتمع الذي يريد أن يتقدم نحو أبواب الحضارة أن يهتم في الأول بعملية التوجيه العلمي ثم يكون بعد ذلك التوجيه في العمل).

expert_55@