لماذا تزدحم الشوارع ولماذا يخسر فريقي؟!
السبت - 23 مارس 2024
Sat - 23 Mar 2024
صديقي مشجع كرة قدم يؤكد لي دائما أن كرة القدم لعبة ظالمة؛ فبالأمس القريب خسر فريقه المفضل على الرغم من أنه يضم العديد من اللاعبين المحترفين.
يتساءل لماذا يقل عطاء فريقي كلما زاد عدد النجوم؟ لماذا يخسر فريقي على الرغم من أنه الأفضل نظريا فالموارد المالية الضخمة متوفرة، وكذلك الملاعب، والكوادر الإدارية والفنية؟ قلت له إنها ظاهرة التناقض وهي موجودة أيضا في مجال «تخطيط المدن» وفي الحياة عموما.
يتنافس الجميع على طريق ما؛ لأنه طريق سريع خال من الإشارات الضوئية ليصبح الجميع غير قادر على السير فيه بسبب الازدحام المروري. يناور البعض أثناء القيادة بين المسارات والفجوات للوصول سريعا ولكنه يعطل الحركة المرورية ويتعطل الجميع بسببه.
وبالمثل، يتنافس الجميع على المرأة الجميلة؛ فيخسر الجميع وتفقد هذه المرأة حظها من الزواج على الرغم من جمالها!
عليك أن تدرك يا صديقي أن التعامل الظاهري مع المشكلة غالبا ما يقود إلى عواقب سلبية، وهذا ما يطلق عليه مفارقة بريس Braess› Paradox فضخ المزيد من اللاعبين النجوم غير كاف لتحقيق الفوز.
كما أن إضافة طريق إلى شبكة الطرق الحالية أو توسعة الشارع قد يؤدي إلى إعاقة التدفق المروري ومزيدا من الازدحام.
هذه المفارقة تطبيقاتها واسعة ولا تشمل تخطيط النقل فحسب؛ بل أيضا مجالات الكهرباء، وتصميم شبكات الطاقة.
تفسر هذه الظاهرة أسباب تميز أداء فريقك عندما لا يكون اللاعب النجم في الميدان، حيث يؤدي السلوك الأناني للاعبين أحيانا لأداء أقل من المستوى المتوقع. كما يدرك الفريق المنافس أهمية لاعبك النجم، لذلك يركز جهوده الدفاعية على هذا اللاعب، مما يقلل من كفاءته.
أحيانا يقل عطاء فريقك بسبب وجود هذا النجم، فالأداء ينخفض تلقائيا اعتمادا عليه.
وعلى العكس، فريقك يرتفع أداؤه عندما يتم طرد أحد اللاعبين بالبطاقة الحمراء.
أرى كمتخصص في مجال التخطيط العمراني أن أكبر المشاكل التي يمكن أن تواجهنا عند التعامل مع القضايا الحضرية هو التعامل الظاهري للمشكلة دون فهم السياق الحضري الوطني، فالإقليمي، ثم المحلي.
فإذا كنا نعاني من أزمة إسكان يكون الحل بتصغير مساحات المساكن وبذلك مضاعفة عدد الوحدات السكنية في قطعة الأرض الواحدة وتقليل التكاليف.
بعبارة أخرى، إذا كنت تعيش في غرفة كبيرة عليك قبول العيش في غرفة بمساحة متر في متر حتى ينخفض السعر الإجمالي للوحدة السكنية!
يأتي هذا الحل بكل بساطة دون أن نفهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار الوحدات السكنية ودون أن ندرك السياق الإقليمي والبعد التنموي في توزيع السكان والموارد.
أما إذا كانت المدينة تعاني من انتشار المناطق العشوائية فالحل يكون بإزالتها دون أن نفهم أسباب نشؤها وأنماط معيشة سكانها لتتكرر مشكلة العشوائيات في مكان آخر ولو بعد حين.
وعلى نفس المنوال، إذا كنا نعاني من إشكالية الازدحام المروري يكون الحل ببساطة في توسعة الشوارع وإضافة شبكات طرق لاستيعاب حجم الطلب المستقبلي دون أن نفهم هيكلية توزيع استعمالات الأراضي في المدينة ونقاط الجذب ومراكز الأعمال والوظائف وعلاقتها بالسكان.
مشكلة الحلول الظاهرية يا صديقي أنها لا تستوعب كافة المدخلات في المدينة بما فيها العامل الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي. إنها حلول تتعامل مع القشور السطحية للمشكلة وليس البعد الجوهري الذي يبحث في الأسباب الكامنة وراءها؛ فهل فهمت الآن لماذا تزدحم الشوارع ولماذا يخسر فريقك؟
waleed_zm@
يتساءل لماذا يقل عطاء فريقي كلما زاد عدد النجوم؟ لماذا يخسر فريقي على الرغم من أنه الأفضل نظريا فالموارد المالية الضخمة متوفرة، وكذلك الملاعب، والكوادر الإدارية والفنية؟ قلت له إنها ظاهرة التناقض وهي موجودة أيضا في مجال «تخطيط المدن» وفي الحياة عموما.
يتنافس الجميع على طريق ما؛ لأنه طريق سريع خال من الإشارات الضوئية ليصبح الجميع غير قادر على السير فيه بسبب الازدحام المروري. يناور البعض أثناء القيادة بين المسارات والفجوات للوصول سريعا ولكنه يعطل الحركة المرورية ويتعطل الجميع بسببه.
وبالمثل، يتنافس الجميع على المرأة الجميلة؛ فيخسر الجميع وتفقد هذه المرأة حظها من الزواج على الرغم من جمالها!
عليك أن تدرك يا صديقي أن التعامل الظاهري مع المشكلة غالبا ما يقود إلى عواقب سلبية، وهذا ما يطلق عليه مفارقة بريس Braess› Paradox فضخ المزيد من اللاعبين النجوم غير كاف لتحقيق الفوز.
كما أن إضافة طريق إلى شبكة الطرق الحالية أو توسعة الشارع قد يؤدي إلى إعاقة التدفق المروري ومزيدا من الازدحام.
هذه المفارقة تطبيقاتها واسعة ولا تشمل تخطيط النقل فحسب؛ بل أيضا مجالات الكهرباء، وتصميم شبكات الطاقة.
تفسر هذه الظاهرة أسباب تميز أداء فريقك عندما لا يكون اللاعب النجم في الميدان، حيث يؤدي السلوك الأناني للاعبين أحيانا لأداء أقل من المستوى المتوقع. كما يدرك الفريق المنافس أهمية لاعبك النجم، لذلك يركز جهوده الدفاعية على هذا اللاعب، مما يقلل من كفاءته.
أحيانا يقل عطاء فريقك بسبب وجود هذا النجم، فالأداء ينخفض تلقائيا اعتمادا عليه.
وعلى العكس، فريقك يرتفع أداؤه عندما يتم طرد أحد اللاعبين بالبطاقة الحمراء.
أرى كمتخصص في مجال التخطيط العمراني أن أكبر المشاكل التي يمكن أن تواجهنا عند التعامل مع القضايا الحضرية هو التعامل الظاهري للمشكلة دون فهم السياق الحضري الوطني، فالإقليمي، ثم المحلي.
فإذا كنا نعاني من أزمة إسكان يكون الحل بتصغير مساحات المساكن وبذلك مضاعفة عدد الوحدات السكنية في قطعة الأرض الواحدة وتقليل التكاليف.
بعبارة أخرى، إذا كنت تعيش في غرفة كبيرة عليك قبول العيش في غرفة بمساحة متر في متر حتى ينخفض السعر الإجمالي للوحدة السكنية!
يأتي هذا الحل بكل بساطة دون أن نفهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار الوحدات السكنية ودون أن ندرك السياق الإقليمي والبعد التنموي في توزيع السكان والموارد.
أما إذا كانت المدينة تعاني من انتشار المناطق العشوائية فالحل يكون بإزالتها دون أن نفهم أسباب نشؤها وأنماط معيشة سكانها لتتكرر مشكلة العشوائيات في مكان آخر ولو بعد حين.
وعلى نفس المنوال، إذا كنا نعاني من إشكالية الازدحام المروري يكون الحل ببساطة في توسعة الشوارع وإضافة شبكات طرق لاستيعاب حجم الطلب المستقبلي دون أن نفهم هيكلية توزيع استعمالات الأراضي في المدينة ونقاط الجذب ومراكز الأعمال والوظائف وعلاقتها بالسكان.
مشكلة الحلول الظاهرية يا صديقي أنها لا تستوعب كافة المدخلات في المدينة بما فيها العامل الاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي. إنها حلول تتعامل مع القشور السطحية للمشكلة وليس البعد الجوهري الذي يبحث في الأسباب الكامنة وراءها؛ فهل فهمت الآن لماذا تزدحم الشوارع ولماذا يخسر فريقك؟
waleed_zm@
