حجاز مصلح

التخطيط المالي للأطفال من أجل غد أفضل

الخميس - 21 مارس 2024

Thu - 21 Mar 2024


الاستقلال المالي والتخطيط المالي هما مفتاح الحياة لغد أفضل يطمح الكثير من الأفراد إلى تحقيقه. ويشير المفهوم إلى قدرة الفرد على إعالة نفسه ماديا والحصول على ما يكفي لتغطية نفقات المعيشة من خلال التخطيط السليم والادخار المنضبط والاستثمار الذكي.

تهدف رؤية المملكة 2030 إلى زيادة معدل الادخار من 6% إلى 10% عام 2030 وذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية للادخار والتثقيف المالي لبرنامج تطوير القطاع المالي - أحد برامج رؤية المملكة 2030- لرفع مستوى الوعي والممارسة الصحيحة للتخطيط المالي وتشجيع تغيير السلوك الاجتماعي نحو الادخار.

إن التخطيط المالي للأسرة عملية هامة للوصول لحياة أسرية مستقرة، فمع زيادة اتساع دائرة الاحتياجات في مقابل الزيادة المستمرة في أسعار السلع والخدمات وثبات أو تباطؤ نمو المدخولات، يعد التخطيط الواعي مع الإدخار أمرا مهما لمواجهة الالتزامات والاختناقات المالية المستقبلية.

ومن هنا فمن الضروري على الآباء نقل المعلومات المتعلقة بأهمية الميزانية والادخار للأطفال حتى لا يواجهوا صعوبة في إدارة شؤونهم المالية في وقت لاحق من حياتهم.

يعد إدراج التمويل الشخصي في المناهج الدراسية فكرة مفضلة لدى البعض. فهم يعتقدون أن الأطفال يجب أن يتعلموا المفاهيم المالية في المدرسة ليكونوا أفضل في التعامل مع المال عندما يصبحوا بالغين. فالمدرسة لها دورها في تشكيل الطفل، وللآباء دورهم أيضا.

وبينما يتعلم الطفل اللغة والرياضيات والعلوم والفنون والرياضة في المدرسة، وبصرف النظر عن المهارات الضمنية للسلوك الاجتماعي، فإن المهارات الحياتية تقع تماما في مجال الأسرة.

أعتقد أن تقدير الطبيعة والهواء الطلق، وتناول وجبات متوازنة، والتعرف على جسد الإنسان، وفهم كيفية استخدام المال، هي مهارات يجب على أولياء الأمور تعليمها ونقلها من خلال سلوكهم، ومن خلال الأنشطة والقرارات العائلية التي توفر فرص التعلم للطفل.

قامت جامعة كامبريدج، بإجراء العديد من المشاريع البحثية حول تطوير القدرات المالية لدى الأطفال والشباب.

وفي البحث المنشور، «ما الذي يحرك السلوك المالي؟» (أبريل 2018)، تم تصنيف عوامل المحفزات والمعوقات للقدرة المالية تحت ثلاثة عوامل رئيسة: القدرة، والاتصال، والعقلية.

تشير القدرة إلى معرفة المنتجات المالية والمفاهيم المتعلقة بالمال والحساب المالي.

ويشير الاتصال إلى المشاركة والوصول إلى الأموال والمعاملات المالية.

كما تشير العقلية إلى القيم والمواقف تجاه المال، مثل الادخار والثقة وفهم قيمة المال والوضع المالي للأسرة.

ومن غير المستغرب أن القدرة ليست محركا للسلوك فيما يتعلق بقدرتين رئيسيتين هما: إدارة الأموال اليومية والسلوك الادخاري.

ماذا يمكن للوالدين أن يفعلوا؟ أظهرت إحدى الدراسات أن العادات المالية تتشكل لدى الأطفال عند بلوغهم السابعة من العمر.

يتعلم الأطفال من العديد من الأنشطة التي تساعدهم على ربط كيفية عمل المال في الأسرة، ويمكن للوالدين تمكين ذلك من خلال المشاركة التفاعلية وتشجيع الأطفال في اتخاذ قرارات بسيطة.

على سبيل المثال، الطفل الذي يتم تسليمه بعض المال للذهاب وشراء الفاكهة لنفسه، سيجد تجربة البحث عن الأسعار، والاختيار، ودفع المال، وحساب الباقي، والاستمتاع بالفاكهة تجربة قوية تتيح التواصل مع اتخاذ القرارات المالية اليومية.

معرفة أن المال مورد محدود وأنه يأتي من السعي للحصول على وظيفة هو تعلم مهم لطفل صغير، مقارنة بالافتراض التبسيطي بأن المال يأتي من أجهزة الصراف الآلي وأن تمرير بطاقة الائتمان يمكن أن يشتري أي شيء.

يتعلم الأطفال من خلال ملاحظة كيف يتحدث الآباء ويتصرفون؛ فالتأكد من أن المحادثات العائلية تتضمن اتخاذ قرارات مالية مشتركة، وإشراك الأطفال، يعتبر أمرا ذا قيمة.

إن كابوس طفل صغير يركل ويصرخ في قسم الألعاب في المتجر هو أمر يتعاطف معه معظم الآباء.

يبدو أن نوبة الغضب تنتهي لصالح الطفل في غالب الأحيان.

الذكاء العاطفي وتأخير الإشباع هي قيم يتم تدريسها في المقام الأول من قبل الآباء، الذين يتخذون قرارا واعيا للقيام بذلك.

أجرى علماء النفس تجربة أخبروا فيها مجموعة من الأطفال الصغار أن الغرض الأساسي من رحلة تسوق واحدة هو شراء هدية لعيد ميلاد أحد الأصدقاء.

قاموا بتسليم الأموال المدرجة في الميزانية للأطفال، وناقشوا المبلغ الذي سيتم إنفاقه، ونظروا في الخيارات، ثم سمحوا للأطفال بالسير عبر الممرات للاختيار.

وبينما انجذب الأطفال في التجربة إلى الألعاب التي رأوها، تم تذكيرهم بأن الغرض الحالي لم يكن شراء شيء لهم، بل لصديقهم.

إشعار مسبق بأنهم لن يحصلوا على أي شيء لأنفسهم، مما أبقى الأطفال على المسار الصحيح.

يفهم الأطفال الأكبر سنا المفاهيم المالية مثل «المضاعفة» بشكل جيد، نظرا لهدف ما، أخذ العديد من الأطفال على عاتقهم كسب المال وحفظه وتخصيصه لشراء لعبة أو أداة معينة يرغبون في شرائها، لقد فهموا أيضا الصفقات والخصومات والمساومات.

إن المعرفة المفاهيمية هي في الغالب سياقية، فعندما يتعين اتخاذ قرار بشأن الحصول على قرض مالي، فإن فهم كيفية حساب القسط الشهري، وكيفية عمل المعدلات الثابتة والمتغيرة، وكيف ينبغي مقارنة القرض بالدخل، كلها عناصر مهمة يجب معرفتها لمحو الأمية المالية.

ولكن إدراج هذه العناصر في المناهج المدرسية للأطفال قبل عدة سنوات من اتخاذ القرار قد لا يحقق الكثير.

أخيرا، وكأولياء أمور، فإن حبنا وتفانينا من أجل مستقبل أطفالنا لا يتزعزع، لا نريد شيئا أكثر من رؤيتهم يكبرون ويصبحون كبارا وناجحين وسعداء، ويتضمن جزء من هذه الرحلة إعطاء الأولوية لأمنهم المالي وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لإدارة شؤونهم المالية لاحقا من أجل غد أفضل.


HIJAZMUSLEH@