شاهر النهاري

حقوق المرأة حتى في الإجرام!

الثلاثاء - 19 مارس 2024

Tue - 19 Mar 2024


أيام التكريم العالمية تتزاحم حتى أصبحت تغطي أكثر أيام السنة، والبعض منها يمر بسهو النسيان، والبعض يؤثر ويعيد تشكيل أخلاق وطباع البشرية.

ويوم المرأة العالمي، مهم بكونه تكريم للأم والزوجة والابنة والأخت والجدة والعمة والخالة، وفي بعض المجتمعات الزميلة والمديرة، والصديقة والعشيقة.

المرأة كانت في عصور الظلام مظلومة مهمشة رغم أدوارها في الحب والحضن والإنجاب وتربية الأجيال.

الذكور البدائيون تجبروا واستغلوا ما تحدثه الطبيعة لجسدها من استدارة وحمل وثقل وولادة ونفاس، وجعلوها صفا ثانيا، يأتي بعد مكانة الرجل القوي، المدافع عن أهله، الحامل للسلاح، والجالب للخيرات والصيد الثمين، يقيم بها أولاد أفراخ زغب حواصل، تظل تنتظره.

وبذلك خنعت المرأة ممتثلة للرجل تهبه الأولوية بالخدمة والعناية والطاعة، وأيا كلفها ذلك من تضحيات، وهضم حقوقها في مجاراته بالتعليم والمكانة والقدرة، إلا لمن تتمرد على أدوارها الأنثوية وتعاند وتسيطر في محيطها، بأفكار ناشز، وجدية وتملك ومكانة تنتزعها عنوة من غفلة هيمنة الحياة الذكورية.

المرأة، التي ظلمتها الظروف عصور طويلة، وجدت في عالم اليوم من أعطاها الحقوق، وأشركها في التوظيف، ومسؤوليات حماية الأوطان، كما في بقية أنماط الحياة التعليمية والتجارية، والعلمية والعملية، بالاعتماد على طموحاتها المشروعة، وتفانيها، ومحاولاتها لدفن الفروق الجسدية بينها وبين الرجل.

وعليه فقد دشن اليوم العالمي للمرأة بعد عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس 1945م.
وتختلف دول العالم في التعامل مع ذلك اليوم، من مجرد تقديم التهاني، إلى إعطاء النساء عطلة فيه، وبعضها تتحمس، وتشجعها للخروج فيه للشوارع بمطالبات واحتجاجات جديدة.

رؤية السعودية 2030 هيأت للمرأة السعودية الكثير من الحقوق، التي لم نكن نتخيل حصولها عليها ولو بعد قرنين، ما يجعل هذا اليوم، يمر بتميز تهاني واحتفاليات بسيطة لا تتعدى أفراد الأسرة، أو زملاء العمل، أسوة بيوم الأم والأخت الكبرى والصداقة والحب ويوم الوالدين، وبأجواء رقي تؤكد غرضه المعنوي والنفسي، وتذكير الجميع بأدوار المرأة الجليلة، ومشاركتها فيها وإثبات أهميتها في حياة وتطور البشرية قاطبة.
وتظل حقوق المرأة تختلف حسب الدولة والمعتقد والعصر، بما يكون منطقيا ومفهوم، أو بما يكون مدعاة للجدل والمعارضة.

حقوق المرأة معاني تتحقق في كثير من الدول، بنيل الكرامة، والعمل، والتحرر من العنف، والحقوق الجنسية والإنجابية، والعدالة المالية، والمساواة الاجتماعية والاقتصادية، والمشاركة في صنع القرار، غير أن تمادي الطموحات المدعومة بتحركات الهيئات النسوية أصبحت تبالغ في ذلك منطقيا وإنسانيا، بل وتحاول نسف حقوق وحريات الآخرين لصالح المرأة.
ففي 27 فبراير 2024م أقرت باريس بعد تصويت البرلمان الفرنسي قانونا يعطي المرأة الحق المطلق بالإجهاض، وفي أي وقت من فترات الحمل، ودون وجود أي دواع صحية تهدد حياتها، أو أن الحمل ناقص أو نتيجة عملية اغتصاب، وبتعد صريح وحشي إجرامي على حياة الجنين، العاجز عن حفظ حقوقه في الحياة، كما تشطب حقوق الشريك، وهذا ما خلق جدلية عالمية جديدة.

تلك فرنسا، التي طالما عودت العالم بتبني صرعات الحريات والديمقراطية والحقوق الفريدة، ولا ندري إلى أين تجر البشرية معها، وهي تمسخ صور الأنوثة والأمومة والرحمة إلى منتهى الأنانية والسحق والطغيان والإجرام.


shaheralnahari@