نبيل عبدالحفيظ الحكمي

الفجوة التريليونية بين عمالقة «التقنية» و«الصناعات الدوائية»

الخميس - 14 مارس 2024

Thu - 14 Mar 2024

عزيزي القارئ، في اقتصاد اليوم، وصل تقييم «شركات التقنية» العملاقة مثل شركة «أبل» ومايكروسوفت و«إنفيديا»، و«أمازون» إلى ما بين تريليون إلى ثلاثة تريليونات دولار، وهو إنجاز لم يتحقق بعد في قطاع الأدوية رغم دوره الحيوي العالمي في مجال الرعاية الصحية.

حيث تدفع هذه «الفجوة التريليونية» إلى دراسة التحديات والفرص الفريدة للصناعات الدوائية، بما في ذلك عملية تطوير الأدوية الطويلة والمكلفة والقيود التنظيمية الصارمة، وتأثير انتهاء براءات الاختراع على الإيرادات بما يعرف بـ«هاوية براءات الاختراع».

على عكس «قطاع التقنية»، الذي يتمتع بتنظيمات مرنة ويستفيد من قابلية التوسع بشكل أكبر، يتعامل قطاع «الصناعات الدوائية» مع عمليات الموافقة الصارمة وتجزئة السوق التي تحد من النمو السريع.

بالإضافة إلى ذلك، بينما يمكن «لشركات التقنية» التنويع والابتكار باستمرار، تواجه «الشركات الدوائية» منافسة شديدة من «الأدوية الجنيسة»، وهي الأدوية البديلة للأدوية المبتكرة والتي يمكن تصنيعها من قبل شركات الأدوية المختلفة بعد انتهاء فترة براءات الاختراع للدواء المبتكر، مما يقيد قدرات شركات الأدوية المبتكرة من الحفاظ على تدفقات الإيرادات المرتفعة طويلة الأمد.

ومع ذلك، يقدم التقاطع المتطور بين قطاع «الرعاية الصحية» بشكل عام وقطاع «التقنية»، من خلال الصحة الرقمية وابتكارات الصناعات الدوائية، فرصا جديدة لنمو شركات الأدوية بشكل كبير، حيث أصبح التعاون مع شركات التقنية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات على سبيل المثال أكثر شيوعا.

وصلت شركة «أبل» إلى تقييم سوقي قدره تريليون دولار في أغسطس 2018، بعد 42 عاما فقط من تأسيسها.

حيث أسهمت المنتجات المبتكرة مثل «جهاز الآيفون» في نموها السريع.

في الربع الأول من عام 2021 وحده، أظهرت إيرادات شركة «أبل» قيمة تزيد عن 111 مليار دولار.

في المقابل شركة «فايزر»، إحدى أكبر شركات الأدوية عالميا، جدولها الزمني لتطوير دواء جديد يبلغ في المتوسط 10 سنوات وتكلفة تقريبية تصل إلى 2.6 مليار دولار، وفقا لدراسة أجراها «مركز تافتس» لدراسة تطوير الأدوية.

من الملفت أنه تم تقييم شركة «أمازون» بتريليون دولار في سبتمبر 2018 بفضل قابلية توسع منصتها للتجارة الالكترونية وتنويعها في الحوسبة السحابية مع AWS.

إيرادات AWS فقط تجاوزت 13.5 مليار دولار من الدخل التشغيلي في عام 2020.

في المقابل، شركة «نوفارتس»، إحدى الشركات الدوائية العالمية الرائدة، بلغت إيراداتها قيمة 48.66 مليار دولار لعام 2020.

على الرغم من أنه رقم كبير، إلا أن الإيرادات هي نتيجة سنوات طويلة من البحث والتطوير والعديد من المنتجات في مجالات الرعاية الصحية المختلفة، كل منها يواجه تحديات التطوير والتنظيم الخاصة به.

تعتمد إمكانية عمالقة الصناعات الدوائية لتحقيق التقييمات السوقية بقيمة تريليون دولار أو أكثر، متجاوزة عمالقة التقنية، على مزاياها الفريدة ومساهماتها المؤثرة في قطاع الرعاية الصحية.

تشمل العوامل الرئيسة تطوير أدوية ناجحة والتي توفر إيرادات كبيرة، وحماية براءات الاختراع التي تضمن الربحية الممتدة، والطلب العالمي المتزايد على الأدوية المدفوع بالتغيرات الديموغرافية.

تزيد مرونة الصناعات الدوائية أمام التقلبات الاقتصادية، إلى جانب التقدم في التقنية الحيوية والطب الشخصي، من آفاق تقييمها.

تقوم الاندماجات والاستحواذات الاستراتيجية بدورا حاسما أيضا في زيادة القيمة السوقية لهذه الشركات العملاقة وكفاءتها.

علاوة على ذلك، لا تنقذ مساهمات شركات الأدوية في الصحة العالمية الأرواح فحسب، بل تضيف أيضا قيمة اقتصادية كبيرة، مما يعزز إمكاناتها لتحقيق ربحية وتقييم أعلى مقارنة «بقطاع التقنية»، الذي، على الرغم من نموه السريع، يعمل بشكل مختلف من حيث دورة حياة المنتج وديناميكيات السوق.

عزيزي القارئ، تكشف المقارنة بين عمالقة «الصناعات الدوائية» و«عمالقة التقنية» عن اختلافات رئيسة في سرعة الابتكار وديناميكيات السوق والبيئات التنظيمية، قابلية التوسع، والتأثير الاجتماعي، مما يؤثر على مساراتها نحو تحقيق تقييمات بقيمة تريليون دولار والربحية الضخمة.

تتميز «شركات التقنية» بسرعة الابتكار وسرعة التوسع عالميا بتكاليف أقل، مما يقود إلى تقييمات عالية، ولكن تواجه تحديات أخرى مثل تقلبات السوق والتدقيق التنظيمي.

في المقابل، يضمن دورة الابتكار البطيئة المحمية ببراءات الاختراع في «قطاع الأدوية» إيرادات طويلة الأمد بهوامش ربح عالية ومرونة السوق، على الرغم من مواجهتها لحواجز تنظيمية أكثر.

nabilalhakamy@