ياسر عمر سندي

التقنين الخفي في التعامل المهني

الخميس - 14 مارس 2024

Thu - 14 Mar 2024

في هذا العصر أصبحت المرأة شريكا استراتيجيا في الأسرة والمجتمع والدولة، جنبا الى جنب مع الرجل، وهذه الشراكة تحتاج إلى تقنين الحس اللاشعوري والذائقة الأدبية بالتعامل والذكاء العاطفي بالتفاعل للعلاقة البينية في دائرة العمل، لتحقيق الأهداف المشتركة خلال الأنظمة والتشريعات الجادة والصارمة لأخلاقيات العمل، إذا ما أخذت مجراها القانوني ببنودها ولوائحها، حسب نشاط كل منظمة، والتي تنشرها على صفحات أدلتها الورقية ومواقعها الالكترونية.

في رأيي الخاص، أن تلك العلاقة المهنية ترتقي بأسلوب الاستحياء الإنساني الخفي بين الرجل والمرأة في دائرة العمل، قولا وعملا وتعبيرا، والذي أعده أقوى تأثيرا وأعمق أثرا من تلك القوانين والتشريعات المكتوبة والمرسلة، باستحضار العقد النفسي الذي يوجهنا للتعاملات المفروضة من خلفياتنا التربوية سلفا، وهي الثبات على رسم الحدود الثنائية في محيط المهنة ومتطلبات الوظيفة وعدم تجاوزها.

قال سيد الأخلاق عليه الصلاة والسلام: «الحياء شعبة من الإيمان».

استشعارا لأهمية الحدود التي يضعها الطرفان مسبقا، والتي تزداد وضوحا في ملامحها بكيفية ممارستها سلوكيا حسب الآتي:
أولا: الحدود النفسية، والتي من المفترض أن يستوعبها الرجل وتعيها المرأة، بحفظ السلوك المشاعري المتبادل، والسؤال الذاتي المستمر: هل أسلوبي يليق وطريقة كلامي تتفق مع الموقف ومناسبته للحدث أم لا؟، وهل صوتي متوافق بألا يكون مرتفعا يوحي بالقسوة، ولا منخفضا يُشعر بالليونة؟ قال تعالى: «فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا» (32 الأحزاب).

ثانيا: الحدود الثقافية، في التصرفات والحركات وطرح الكلمات وبث النكات، ومراعاة خصوصية النساء، وكذلك خصوصية الرجال، بانتقاء الكلمات والعبارات والبعد عن الترهات والضحكات والحذر من تدليل الأسماء بالألقاب المتبادلة، لترقيق العلاقة البينية مثل «منيرة مناير»، «فهد فهودي»، والبعد عن إسقاطات المجاملات الزائدة مثل: «الثناء على رائحة العطر، والمديح لشكل الجسم ونوعية اللبس ولونه».

ثالثا: الحدود المكانية، وذلك بإيضاح الحيز المكاني للطرفين، والمساحة الحرة التي لا ينبغي اختراقها لأي منهما، تحديدا للرجل، حتى لا تكون هنالك ردات فعل لا شعورية وعشوائية، قد تجبر للتقارب وكسر الحواجز الحدودية، ومن الضروري للمرأة الأخذ في الحسبان طريقة المشي وأسلوب اللبس، بالاتزان والحشمة والابتعاد عن التكلف للفت النظر، بلبس الأحذية عالية الكعب المصدرة للأصوات في الممرات، قال تعالى: «ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن» (31 النور).

رابعا: الحدود الزمانية، بتوضيح الوقت المناسب والمتاح للاتصال خارج الأوقات الرسمية منعا للإحراج، وأن تطلب الأمر الأهمية القصوى للتواصل بإرسال رسالة للتأكيد بمراجعة البريد الالكتروني الذي يوضح فيه المتطلبات التفصيلية للإنجاز.

هذه الحدود من الضروري فهمها وإدراكها، لتصبح بيئة العمل صحية لجميع الأطراف، فالتقنين الخفي في التعامل المهني لا يفسد للود قضية.

Yos123Omar@