صامدون وصابرون وصائمون في غزة

نساء رفح في أول أيام الشهر الكريم: لا يوجد للإفطار سوى بعض المعلبات
نساء رفح في أول أيام الشهر الكريم: لا يوجد للإفطار سوى بعض المعلبات

الاثنين - 11 مارس 2024

Mon - 11 Mar 2024


أمام خيمة متهالكة في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، تجلس هناء المصري التي أجبرت وزوجها وأطفالهما الستة على النزوح من منزلهم في خان يونس قبل 10 أيام، ليستقبلوا شهر رمضان بشكل مختلف بلا أي زينة أو وجبات تجمع العائلة في حالة من البهجة.

فرت عائلة المصري من خان يونس بعد دعوة الجيش الإسرائيلي للعائلات في منطقتهم بالخروج حفاظا على سلامتهم، وقالت الأسرة لصحيفة «جارديان» البريطانية، «إنها قررت الفرار إلى رفح الحدودية مع مصر، لتنضم إلى أكثر من مليون شخص يعيش السواد الأعظم منهم في خيام وسط ظروف إنسانية صعبة.

لا يختلف حال هناء وأطفالها وزوجها عن 2.3 مليون شخص يمثلون إجمالي سكان غزة، أجبروا على أن يستقبلون شهر رمضان هذا العام وسط أجواء حزينة، بعد أن فقدوا أكثر من 31 ألف شهيد، وطردوا من منازلهم، وعاشوا معاناة هي الأكثر فظاعة في حياتهم.

حالة خراب
تقول هناء المصري (37 عاما) في تقرير الجارديان «بناتي اعتدن ادخار أموالهن لشراء الزينة، وفي كل عام كنت أختار فانوسا جديدا لشهر رمضان. الوضع محبط وصعب للغاية».
تحدثت بأسى إلى الصحيفة، حول الشهر المقدس لدى المسلمين الذي بدأ أمس الاثنين، دون طقوس معتادة مثل إعداد وجبة السحور أو الإفطار، وقالت «كنت أحب إعداد وجبة من الجبن والمربى والفول والبيض لإطعام أسرتي قبل بدء الصيام ليتحملوه، قبل إعداد وجبة لذيذة على الإفطار».
كما تذكرت عاداتها خلال شهر رمضان، قائلة «بعد صلاة الفجر كنت أجلس في حديقتي أتلو القرآن.. والآن حديقتي في حالة خراب».
وأضافت المصري للصحيفة البريطانية «لست الوحيدة التي تتوق إلى الحفاظ على العادات، كنت وجيراني نزين الشوارع بالأضواء والفوانيس، لكن كل شيء حولنا صار كئيبا، الشوارع تحمل ندوب القصف الإسرائيلي والمجتمع في حالة حداد».

الإفطار فول
وصل حسين العودة (37 عاما) إلى رفح منذ أكثر من شهر، بعدما أمضى معظم فترة الحرب في أحد ملاجئ الأمم المتحدة قرب خان يونس، ويعمل مسؤول برامج في منظمة دولية غير حكومية، أوضح العودة للصحيفة، أنه بالكاد يأكل اللحوم منذ بدء الحرب، ويعيش مؤخرا على الفاصوليا المعلبة.
وقال «هناك بعض المكسرات والفواكه المجففة في الأسواق، وهي أشياء اعتدنا كسر إفطارنا بها في رمضان، لكنها حاليا باهظة الثمن، ستكون وجبة الإفطار عبارة عن مزيد من الفول».
ولم تفلح المآسي التي يتعرض لها أهل غزة في نجاح مساعي وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، فيما ارتفعت حصيلة الشهداء في القطاع نتيجة الحرب الإسرائيلية الغاشمة إلى أكثر من 31 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، ويواجه أكثر من مليوني شخص يشكلون الغالبية العظمى من السكان، خطر المجاعة، وفق الأمم المتحدة.

أجواء كئيبة
وفي الضفة الغربية والقدس، يستقبل الفلسطينيون شهر رمضان في أجواء كئيبة، وسط إجراءات أمنية مشددة من الشرطة الإسرائيلية وشبح الحرب والجوع في غزة، مع تعثر المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق النار.
وعلى النقيض من السنوات السابقة لم تشهد البلدة القديمة في القدس الزخارف المعتادة، وسادت أجواء كئيبة مماثلة في البلدات بأنحاء الضفة الغربية المحتلة، حيث قتل نحو 400 فلسطيني في اشتباكات مع قوات الأمن أو المستوطنين اليهود منذ بداية الحرب في غزة.
وقال عمار سدر، أحد شيوخ البلدة القديمة «العام هذا قررنا بقرار رسمي أن البلدة القديمة لن تزين، كرامة لدماء أطفالنا ودماء شيوخنا وكبارنا الشهداء».
وتعد الإجراءات الأمنية الإسرائيلية عند المسجد الأقصى منذ فترة طويلة من أكثر القضايا إثارة للاستياء في العالم الإسلامي.

الخوف والجوع
وكتب فيليب لازاريني المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، في منشور على منصة إكس أنه يتعين «وقف إطلاق النار في رمضان لأولئك الذين يعانون أكثر من غيرهم، ولكن بالنسبة لسكان غزة فإنه يأتي مع انتشار الجوع الشديد واستمرار النزوح والخوف والقلق وسط تهديدات بعملية عسكرية على رفح».
ووسط أنقاض غزة ذاتها، حيث تجمع نصف السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في مدينة رفح الجنوبية، وحيث يعيش الكثيرون منهم في خيام بلاستيكية ويواجهون نقصا حادا في الغذاء، كان المزاج العام كئيبا.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في «اليوم الـ 157 للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ويمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم».
ولفتت إلى أن « 72 % من ضحايا العدوان هم من الأطفال والنساء»، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة سوء التغذية والجفاف إلى 25 حالة وفاة.

لا يوجد طعام
ونقلت وكالة رويترز، عن أم لخمسة أطفال تدعى مها، وهي نازحة في رفح، قولها «لا يوجد طعام، ولا نملك سوى بعض المعلبات والأرز، وتباع معظم المواد الغذائية بأسعار جنونية».
وأوضحت أنها اعتادت أن تملأ منزلها بالزينة استقبالا لشهر رمضان، وثلاجتها لا تخلو عادة من المواد الغذائية اللازمة لوجبات الإفطار، مضيفة «لم نقم بأي استعدادات لاستقبال شهر رمضان لأننا نصوم منذ 5 أشهر».
وحول الأوضاع في غزة، قالت نهاد الجد، لوكالة رويترز، بعد نزوحها مع عائلتها إلى رفح «رغم أن رمضان شهر مبارك هذا العام ليس مثل كل عام، فإننا صامدون وصابرون، وسنستقبل شهر رمضان كعادتنا بالزينة والأغاني والدعاء والصيام».
وتابعت «في رمضان المقبل، نتمنى أن تعود غزة، ونأمل أن يتغير كل الدمار والحصار في غزة، ويعود الجميع في حال أفضل».

ضحايا غزة حتى أمس:
  • 31,112 شهيدا
  • 8950 مفقودا
  • 72,760 مصابا
  • 67 شهيدا في آخر 24 ساعة
  • 106 مصابين في آخر 24 ساعة
  • 7 مجازر في آخر 24 ساعة
  • 157 يوما من العدوان