عبدالله سعود العريفي

مفاتيح النجاح

الاحد - 10 مارس 2024

Sun - 10 Mar 2024

يختلف الإنسان من حيث السلوك الذي يتجلى بالإمكانات العقلية وكذلك بالقدرة الفكرية على الملاحظة والفهم والتعلم والتفكير والتعامل مع المواقف بشكل فعال عن بقية المخلوقات التي تعيش ليومها ودون القدرة على التفكير في غدها، وتختلف الآراء وتتباين الاعتقادات وتتفاوت القناعات حول مفاتيح النجاح والذي يعتبر مفهومه نسبيا ويختلف من شخص لآخر ومن موقف لآخر حسب عدة اعتبارات وحسب القناعات وطرق التفكير.

وبالطبع فإن العمل الجاد والانضباط والالتزام والإتقان من أهم مفاتيح النجاح وأسباب الظفر وعوامل بلوغ الغايات إلا أن العامل الأساسي والسبب الجوهري لتحقيق الأهداف هو التخطيط والذي يقوم على عملية التفكير والتقدير للمستقبل ووضع الخطط والتأقلم مع الظروف المتغيرة والتعود عليها، وهو يعتبر خطوة أولى وتقدما محسوبا وتحسنا جوهريا وعملا مهما تقوم عليه العملية الإدارية بأكملها، وهو ليس عملا اعتباطيا لا مبرر له ولا فائدة منه وليس جهدا عبثيا فرضته الأهواء أو بذل وسع وطاقة عشوائي أوجبته الميول الشخصية أو فرضته الرغبات الإنسانية إنما هو جهد موجه ومقصود نحو أهداف جلية وظاهرة وواضحة وله أهمية كبيرة في نجاح أي عمل يقوم به الإنسان وتكمن أهميته في إعطائه تصورا للتوقعات المستقبلية وما تشتمل عليه من أحداث وتحديد الأمور التي تحتاج إلى تعديل وتحسين مستقبلا بالإضافة لتحديد الخطوات المطلوبة للنجاح في العمل والوصول لتحقيق الأهداف المرسومة؛ فالعمل بلا تخطيط هو نوع من إضاعة الوقت وتبديده سدى وبلا فائدة في أمور لا تجدي نفعا إذ تعم الارتجالية ويصبح تحقيق الأهداف أمرا بعيد المنال.

يمكن معرفة الأسباب التي تؤدي إلى التخبط والسير بعشوائية والوقوع في حيرة وبالتالي عدم القيام بعملية التخطيط بالشكل الصحيح وعلى الوجه الأكمل والتي من أهمها عدم امتلاك أهداف بالمعنى الصحيح والواضح للأهداف أو بسبب عدم إعطاء الوقت الكافي للتفكير السديد والتركيز الصائب والتدبر الصحيح والتأمل الواعي وعدم إعمال الفكر أو عدم إمعان النظر في التخطيط للمستقبل بسبب الانشغال أو عدم الاهتمام وغياب روح الدافعية للمستقبل والذي يجعل كثيرا من المواقف ليست إلا ردود أفعال لما قد تتعرض له المنشأة من عقبات أو صعوبات أو أزمات؛ فيتجه العلاج حينها لمعالجة هذه المشكلات أو التغلب على تلك الصعوبات مع تجاهل أصلها وأنه لابد من علاج شامل لها ووضع تصور واضح حتى لا تتكرر مرة أخرى في أي وقت من الأوقات.

في الحقيقة يعد التخطيط الناجح الموفق سهلا ويسيرا وهينا ولا يصعُب السير فيه كما يمكن تصوره وفهمه وإدراكه دون عناء أو جهد أو مشقة ولكنه يتطلب إيجاد وسائل رقابة وطرق محاسبة؛ فلا تتوقف عمليات التخطيط عند إعداد الخطط ورسم الطرق وإنشاء مناهج العمل بل لابد من المتابعة والاستمرار والمثابرة والمداومة والمواظبة، ومن الملاحظ أحيانا وضع بعض المنشآت افتراضات لا يتم التعامل معها بواقعية وبشكل عملي معبر عن إدراك الأشياء كما هي في الواقع؛ فمثلا هناك أمور قد لا يتم التمكن من ضبطها وإتقانها ومع ذلك يتم وضعها في الأولويات وفي مقدمة الاهتمامات ولا يتم النظر إلى غيرها وهذا التصرف قد يكون صادرا عن عاطفة وشعور بانفعالات معينة لا عن استدلالات ومنفعة كما أنه لا يستند إلى تفكير عميق قائم على العقل أو تأمل كبير مرتكز على المنطق بل هو من نسج الخيال.