نبيل عبدالحفيظ الحكمي

مهندسو الابتكار .. خلف الستار

الأربعاء - 06 مارس 2024

Wed - 06 Mar 2024

نادرا ما نفكر في الأبطال ما وراء الستار .. والعقول اللامعة خلف العمالقة.

غالبا ما ننبهر ونستلهم بسير الذاتية لمؤسسي الشركات الابتكارية العملاقة مثل «أمازون» و«أبل» و«ميتا» و«مايكروسوفت» و«موديرنا» وغيرها.

ومع ذلك، خلف كل قصة نجاح عظيمة، هنالك داعم أساسي «غير مرئي» من خلف الستار ألا وهو «صناديق رأس المال الجريء»، حيث تقوم هذه الصناديق بدور غير ظاهرا للعلن، ولكن لا يقل أهمية عن دور المؤسسين لهذه الشركات الابتكارية.

هؤلاء هم مهندسو الابتكار «غير المرئيين» الذين حولت استثماراتهم العديد من الشركات الناشئة من بدايات متواضعة إلى شركات عملاقة اليوم.

تعتبر «صناديق رأس المال الجريء» محور النظام البيئي للشركات الناشئة في جميع المجالات دون استثناء.

دورهم يمتد إلى أبعد من مجرد تقديم المساعدة المالية؛ حيث يتم تقديم التوجيه والإرشاد من خبرة عميقة في السوق، فضلا عن امتلاكهم شبكة علاقات ضخمة في مجال التقنية والصناعة وريادة الأعمال وغيرها من المجالات، حيث يقدمون المساعدة الضرورية عندما تكون هذه الشركات الناشئة في مراحلها الأولية، خاصة أن المخاطر الوشيكة هي السمات الرئيسة في هذه المرحلة للشركات الناشئة.

تراهن «صناديق رأس المال الجريء» على إيمانهم بإمكانات فريق الشركات الناشئة وأفكارهم الابتكارية.

النجاح في عالم الشركات الناشئة هو مغامرة عالية المخاطر.

وخلف كل «شركات التقنية العملاقة» اليوم قصص نجاح لـ «صناديق رأس المال الجريء» لقد شاهدوا المستقبل والإمكانات وراء هذه الشركات في أيامها الأولى «كشركات ناشئة».

شركات مثل «أمازون» و«قوقل» و«موديرنا» كانت ستظل مجرد أفكار بدون «صناديق رأس المال الجريء» والثقة من المستثمرين الأوائل.

راهن هؤلاء على هذه الشركات الناشئة والأفكار الإبداعية، ممهدين الطريق لنجاحات ضخمة لهذه الشركات.

عزيزي القارئ، إليك بعض الحالات البارزة لأبطال «صناديق رأس المال الجريء» في مساهمتها في بناء المستقبل من خلال استثماراتهم:

- في عام 1978، استثمر «دون فالنتاين» وشركته الاستثمارية، «سيكويا كابيتال»، ما يقرب من 150 ألف دولار في شركة «أبل». كان هذا شكلا حاسما للاستثمار الجريء الناجح، حيث كان التمويل في ذلك الوقت مع فوائد ضخمة، وانضم المزيد من المستثمرين إلى طاولة الاستثمار في شركة «أبل» في ذلك الحين، مما أسهم بلا شك في نجاح الشركة لاحقا.

- في عام 1999، استثمرت شركة «كلاينر بيركنز» بالاشتراك مع «سيكويا كابيتال» مبلغ 25 مليون دولار في شركة «قوقل»، وكانت في ذلك الوقت شركة ناشئة صغيرة وتمتلك «محرك بحث ناشئ». قاد هذا الاستثمار المبكر إلى توسيع عمليات شركة «قوقل» بشكل ضخم.

حيث كان لخبرة شركة «كلاينر بيركنز» وشبكة اتصالاتها دورا مهما في توجيه شركة «قوقل» خلال نموها لتصل إلى مستوى هيمنتها الضخم الحالي.

عزيزي القارئ، سنستعرض بعض السيناريوهات الرئيسة التي أثبتت فيها «صناديق رأس المال الجريء» أن لها دورا أساسيا ورئيسا في نجاح شركات «التقنية الحيوية».. على سبيل المثال:

- استثمرت شركة «فلاج شيب بايونيرينج» في شركة التقنية الحيوية المبتكرة «موديرنا» المتخصصة في تقنية الـmRNA وهو من بين الأبرز لنهجه العلمي. كان الدعم المستمر من فلاج شيب مهما لموديرنا في بناء منصتها الخاصة بالـmRN ولعب دورا حاسما في تطوير لقاح COVID-19 بسرعة، مما يظهر كيف يدفع رأس المال المخاطر البحث الطبي الرائد على مستوى العالم.

- استثمرت شركة «ثيرد روك فينتشرز»، المتخصصة في الاستثمار في مجال الرعاية الصحية، في شركة الأدوية الناشئة «بلو بيرد بيو» المتخصصة في تطوير العلاجات الجينية. كان هذا الاستثمار والدعم حاسما في تطوير العلاجات الجينية المبتكرة للأمراض الوراثية النادرة ومرض السرطان.
في نهاية المطاف، علينا أن نتذكر أن وراء نجاحات رواد الأعمال في عالم التقنية وسواها، تقف شخصيات بطولية خلف الستار من «صناديق رأس المال الجريء» دعامة بشكل أساسي لهذه النجاحات.

nabilalhakamy@