ياسر عمر سندي

رمضان وثقافة الاتزان

الأربعاء - 06 مارس 2024

Wed - 06 Mar 2024

ونحن بصدد استقبال شهر رمضان المبارك أعاده الله على الجميع باليمن والخير والبركات؛ وكالمعتاد يصاب الكثيرون بحالة من الاستنفار الشرائي والبعض بموجة من الهيجان المجتمعي من خلال التكدسات البشرية في مختلف الشوارع والأسواق والمحلات.

يا سادة رمضان لا يأتي فجأة؛ بمعنى أننا نستطيع الاستعداد له قبل ذلك بأيام كثيرة حتى لا نرتبك ونستشعر بالحيرة ونشتري ما نحتاج وما لا نريد من المواد الغذائية والكمالية وننخدع بالدعايات والترويجات الزائفة ونعاني من الاستغلال التجاري الذي يقودنا بغير هدى لنرى مشهد العربات المتتابعة أمام منافذ البيع في المحلات التجارية.

من الجميل أن نستقبل هذا الشهر الكريم بما يليق بقدومه من القدسية والمكانة والروحانية التي تأتي معه؛ والأجمل أن نعي وندرك معنى فلسفة الاقتصاد والاستهلاك لنفرق بين ما هو ضروري ومهم وبين ما لا نحتاج وغير مهم؛ فالإنفاق العشوائي الذي يستنزف الناحية المادية والمعنوية للعائلات سيصيبهم بعد انتهاء الموسم بالحسرات.

شهر رمضان يتبعه عدة مواسم كعيد الفطر المبارك وما بعده من موسم الحج وعيد الأضحى؛ ويعني ذلك أن هنالك عدة أشهر تحتاج إلى تلك النظرة الاقتصادية العميقة بكيفية توفير مستحقات المأكل والمشرب والمسكن والكسوة والمتطلبات الدراسية خصوصا لتلك العوائل التي تعتمد على الدخل المادي الشهري من رواتب وبدلات محدودة سواء لمن هم على رأس العمل أو المتقاعدين.

لا أقصد مما أرمي إليه في المقال التغيير الكامل من العادات والتقاليد التي تربينا عليها وتجذرت فينا كمجتمعات لديها النزعة العاطفية لاستقبال شهر رمضان المبارك؛ ولكن يبدو أنه آن الأوان لإعادة النظر في تغيير ثقافة الواقع المجتمعي من عقلية اقتصادية وذهنية انفاقية بما يتوافق مع واقعنا الآني المتغير والذي يتطلب حسن التصرف والتدبير في الشراء بين ما نحتاج وما نريد.

الخلط الحاصل بين معياري الضرورة التي لا يتطلب الأمر معها التأجيل وهي جميع ما يؤثر على مقومات الحياة النفسية والجسدية الأساسية لنا ولأبنائنا لاستمرار الحياة؛ أما تلك التي تكتمل معها الحياة ومن منظورنا وتقديرنا يمكن أن تؤجل فلماذا لا نتعود على تأجيلها أو إلغائها من فواتير مشترياتنا الضرورية؛ حتى لا نقع في فخ عدم الاتزان بين الدخل والصرف والذي يؤثر على جودة حياتنا الخاصة وبالتالي المنظومة المجتمعية العامة.

رمضان يحتاج إلى ذلك الاتزان؛ فهو ليس موسما واحدا بل عدة مواسم متداخلة؛ والفكر الادخاري العام من المفترض أن نتنبه إليه ليس من باب التقتير بقدر ما هو فرصة لإعادة التغيير؛ وكل عام والجميع بخير.

Yos123Omar@