عبدالله العولقي

الديمقراطية الأمريكية بين المعجبين والمناوئين

الاثنين - 04 مارس 2024

Mon - 04 Mar 2024

في مثل هذه الأيام وعند اقتراب موسم الانتخابات الأمريكية يحتد الجدال ويشتط الحوار في وسائل الإعلام الأمريكية وحتى العالمية حول هوية الرئيس القادم إلى البيت الأبيض، وتشكل هذه الحالة فرصة ربحية لدى الإعلام الأمريكي وكذلك العالمي، حيث تكثر الأفلام الوثائقية والاستضافات التلفزيونية وبرامج الحوارات التي تغطيها حملات دعائية ضخمة تدر ملايين الدولارات.

من بين تباينات الآراء والنقاشات، دائما ما يظهر المعجبون بنموذج الديمقراطية الأمريكية والمناوئون لها، حيث يؤكد المعجبون أن ديمقراطية الولايات المتحدة هي النموذج الفريد في العالم، فحتى اللحظة لا يعرف الناخب الأمريكي من هو مرشح الحزب الديمقراطي، بسبب الحالة الصحية للرئيس الحالي جو بايدن وعدم وجود شخصية قوية تماثله في ترشيح الحزب الديمقراطي، كما لا يعرف حتى الآن شخصية مرشح الحزب الجمهوري بسبب القضايا التي تلاحق الرئيس الأسبق دونالد ترامب في المحاكم رغم أنه الأكثر ظهورا كمرشح للحزب الجمهوري.

المناوئون لديمقراطية الولايات المتحدة يرونها أسلوب حكم لا يختلف كثيرا عن الأنظمة المركزية أو الشمولية، هي أقرب إلى الديمقراطية المستبدة كما يرون، فالدولة العميقة هي صاحبة القرار السيادي، المؤسسات العميقة من البنتاجون ووكالة المخابرات ومعاهد الدراسات الاستراتيجية هي القوة الخفية التي تقود الولايات المتحدة من خلف هذين الحزبين، فأي ديمقراطية تتحدثون عنها بينما اختيارات الناخب الأمريكي محددة تجاه الحزبين الرئيسيين، لأن أي حزب ثالث يقرر دخول الحلبة السياسية أو أي مرشح فردي يخوض غمار الانتخابات فمصيره الفشل الحتمي كون الديمقراطية هنا مستبدة إن صح التعبير!!

المعجبون بنموذج الديمقراطية في أمريكا يتحدثون عن أقوى رجل في العالم، يجلس على المكتب البيضاوي وبين يديه ترسانة نووية قادرة على نسف كوكبنا الأزرق برمته، وعندما تنتهي ولايته يغادر البيت الأبيض في دقائق معدودة، ويسلم السلطة الباهرة إلى خلفه الرئيس الجديد بكل سلاسة وبدون أي مقاومة، ثم يعود بعد ذلك إلى أدراج الشعب الأمريكي كمواطن عادي.

أما المناوئون لهذا النموذج فيرون أن الوجه الآخر للديمقراطية الأمريكية هو مجرد فن صناعة المرشحين والرؤساء الأمريكان فقط، فكما يمارس الديمقراطيون هذه الأيام تلميع غانين نيوسوم حاكم كالفورنيا لحكم أمريكا في المستقبل، يمارس الجمهوريون تلميع رون ديسانديس حاكم ولاية فلوريدا، فبرامج التلميع الدعائي التي يمارسها الحزبان في وسائل الإعلام تدل أن شخصية الرئيس القادم للبيت الأبيض هي مجرد وظيفة لا بد أن تتمتع بمزايا معينة من موهبة القيادة والذكاء والحصافة التي تليق بالمنصب، بمعنى أنها وظيفة تنفيذية للمهام التي توضع أمام مكتبه صباح كل يوم من قبل مؤسسات الدولة العميقة!!

وبين المعجبين بديمقراطية الولايات المتحدة ومناوئيها تظهر استطلاعات الرأي أن الأمريكيين يعتقدون أن الديمقراطية الأمريكية في خطر خلال انتخابات عام 2024 الحالية، إذ كشفت نتائج استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جالوب عن انخفاض رضاء الأمريكيين على طريقة عمل الديمقراطية الأمريكية، والتي تراجعت إلى 28% في استطلاع ديسمبر الماضي، وهي نسبة منخفضة عن النسبة السابقة في أعقاب أحداث مبنى الكابيتول في السادس من يناير 2021، والتي وصلت إلى 35%.

خاتمة القول.. عندما يقترب موسم الانتخابات في الدولة الأهم عالميا تملأ أخبار واشنطن الدنيا وتشغل الناس في داخلها وخارجها.


albakry1814@