عبدالله العولقي

يوم التأسيس.. الاعتزاز بالقيادة والأرض والتاريخ

الأربعاء - 21 فبراير 2024

Wed - 21 Feb 2024


يرمز يوم التأسيس إلى العمق التاريخي والثقافي والحضاري للمملكة العربية السعودية عندما أسس جد الأسرة الحاكمة، الإمام محمد بن سعود - رحمه الله تعالى - اللبنة الأولى في كيان الدولة السعودية في 22 فبراير 1727م.

بعد هذا اليوم التاريخي، رسم الإمام محمد بن سعود مبدأ الدولة القائمة على نشر العلم والحفاظ على الأمن، ونبذ مظاهر الشرك والانحرافات العقدية، واستمرت علىذلك النهج زهاء ثلاثة قرون حتى وصلت اليوم إلى أوج ازدهارها وتقدمها في عهد سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله.

يذكر المؤرخون أن الإمام محمد بن سعود كان قائدا عظيما بالفطرة الإدارية المكتسبة من أسرته الحاكمة، فهو سليل الإمام مانع المريدي الذي حكم الدرعية منذ عام 850هـ، فقد حرص الإمام على ضمان استقلال الدرعية سياسيا عن غيرها من الإمارات النجدية الأخرى والتي كانت غارقة في النزاعات والخلافات فيما بينها، وحتى ينجح في تجنيب بلدته تلك الصراعات البينية اهتم - رحمه الله - بتعزيز الاكتفاء الذاتي للبلدة من إنتاج مزارعها المحلية والتي وصلت حينها إلى مرحلة التصدير نحو الإمارات النجدية الأخرى، وهذا يدل على ثاقب بصيرته الإدارية وبعد نظره في القيادة.

سياسيا، أرسى الأمير محمد بن سعود دعائم الأمن والأمان حتى ينعم المواطنون برغد العيش في إمارته، فقام -رحمه الله - بتشييد سور محكم على البلدة حتى يضبط عملية الدخول والخروج إلى الدرعية، كما قام بنشر وتأسيس ثقافة الوحدة الوطنية بين أبناء شعبه حتى يترسخ لديهم مفهوم الولاء للدولة والدفاع عنها، وكانت هذه الفكرة ريادية أيضا بالقياس إلى الفترة الزمنية التي عاشها ذلك الإمام العظيم.

وفي عهده أيضا، قامت نهضة علمية واسعة، حيث أمر ببناء المساجد والجوامع في كل البلدات التي تخضع لسيطرته السياسية، وتزويدها بالمشايخ الذين كانوا لا يألون جهدا في نشر العلم على منهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وبعيدا عن مظاهر الشرك وانحرافات العقيدة التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ومما يذكره المؤرخون أن الدرعية في عهده أصبحت أهم مراكز العلم الشرعي بين أقاليم الجزيرة العربية.

تهدف ذكرى يوم التأسيس إلى تعزيز مجموعة من القيم النبيلة التي يستشعرها المواطن السعودي في حياته اليومية كالاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، والاعتزاز بالارتباط الوثيق بين المواطنين وقيادتهم الحكيمة، وكذلك الفخر بما أرسته الدولة السعودية من قيم الوحدة والاستقرار والأمن، وبصمود الدولة السعودية الأولى أمام كل المصاعب والتحديات والدفاع عنها أمام الأعداء، هذه القيم النبيلة هي التي أبقت الدولة مستمرة زمنيا لأكثر من ثلاثة قرون، وها هي اليوم ترفل في ثوب عزتها كدولة عظيمة راسخة تتصدر العالم في العديد من المجالات الاستراتيجية، فهي الثقل السياسي والديني والثقافي والحضاري لمنطقة الشرق الأوسط، وهي اليوم في أوج ازدهارها الحضاري، عصر سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، سيدي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله تعالى وحفظ الشعب السعودي النبيل.


albakry1814@