أحمد صالح حلبي

مكة المكرمة في عهد الدولة السعودية الأولى

الأربعاء - 21 فبراير 2024

Wed - 21 Feb 2024


تحتفل المملكة العربية السعودية بذكرى يوم التأسيس الذي يمثل امتدادا لتاريخها العظيم الذي سعت فيه القيادة لوحدة الصف، وجمع الكلمة، وإرساء العدل، ونبذ الفرقة، وتحقيق الأمن والاستقرار، فشكل ذلك التحول مصدر اعتزاز وفخرا بالجذور التاريخية الراسخة لهذه الدولة المباركة.

والمتابع لتاريخ الجزيرة العربية قبل قيام الدولة السعودية يلحظ تواجد الصراعات السياسية والعسكرية، وغياب الأمن والأمان بالطرق سواء لقوافل التجار أو الحجاج مما أثر على الأوضاع الاقتصادية والأمنية بمناطق الحج المعروفة (مكة المكرمة - جدة - المدينة المنورة)، إضافة للمناطق التي تمر بها قوافل الحجيج.

وبعد دخول مكة المكرمة تحت حكم الدولة السعودية الأولى أخذت الأوضاع تستقر، وهذا ما ذكره أمين الريحاني في كتابه (تاريخ نجد الحديث وملحقاته)، إذ قال: إن الإمام سعود بعد أن دخل مكة المكرمة كتب كتابا إلى السلطان سليم الثالث قال فيه «من سعود إلى سليم.. أما بعد: فقد دخلت مكة في الرابع من المحرم سنة 1218هـ وأمنت أهلها على أرواحهم وأموالهم بعد أن هدمت ما هناك من أشباه الوثنية وألغيت الضرائب إلا ما كان حقا، وثبت القاضي الذي وليته أنت طبقا للشرع، فعليك أن تمنع والي دمشق ووالي القاهرة من المجيء بالمحمل والطبول والزمور إلى هذا البلد المقدس، فإن ذلك ليس من الدين في شيء، وعليك رحمة الله وبركاته».

أما رسالة الإمام سعود بن عبدالعزيز بعد دخوله مكة المكرمة فتضمنت إعطاء الأمان لأهل مكة، وقال فيها: لكافة أهل مكة والأبوات والعلماء وقاضي السلطان والذي تضمن نصه: «السلام على من اتبع الهدى، أما بعد.. فأنتم جيران الله وسكان حرمه، آمنون بأمنه، إنما ندعوكم لدين الله ورسوله (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)، فأنتم في وجه الله ووجه أمير المسلمين سعود بن عبدالعزيز، وأميركم عبدالمعين بن مساعد، فاسمعوا له وأطيعوا ما أطاع الله والسلام»، ومثلت هذه الرسالة الضمان لأمن سكان مكة المكرمة وحجاج بيت الله الحرام، وقام الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود ببعض الأمور التي تتفق مع الشرع الحنيف من تأمين الناس على أرواحهم وأموالهم وإلغاء الضرائب بغير وجه حق وإزالة الأعمال الشرقية وهدم القباب.

ذكر المؤرخون أن الإمام سعود حرص على ترميم وصيانة قنوات عين زبيدة، بعد أن تعرضت لسيل كبير عام (1208هـ -1794م) أدى إلى تخريبها، فانقطع الماء عن مكة المكرمة وتضرر الأهالي والحجاج.

أما الرحالة والجاسوس الإسباني دومينغو فرانثيسكو باديا، الذي عرف بلقب علي باي العباسي، والذي حج في العام الذي دخل فيه الإمام سعود مكة المكرمة، فقد وصف الإمام سعود ورجاله بقوله «لديهم خصال حميدة ولا يسرقون قط لا عن طريق قوة ولا عن طريق حيلة.. وهم يؤدون أثمان كل ما يشترونه وأجور الخدمات التي تقدم لهم».

هكذا كان حكم الإمام سعود بن عبدالعزيز في مكة المكرمة.


ahmad_helali@