حسن علي القحطاني

السعودية.. دولة عظيمة وتاريخ عميق

الأربعاء - 21 فبراير 2024

Wed - 21 Feb 2024


اليوم في ذكرى التأسيس (22 فبراير) أعتز بالحديث عن وطني السعودية، شأني ككل مواطن سعودي.

مسيرة دولة عظيمة وتاريخ عميق وراسخ؛ ممتد لنحو (ثلاثة) قرون من الصمود والصعود والمجد، بدولة متصلة غير منفصلة -وأن اختلفت مع المؤرخين-، دولة تغيب قليلا عن المشهد وتعود لتنهض بالسواعد نفسها، وبنفس البيت الحاكم؛ لنفس سلالة المواطن؛ وللسماء والأرض ذاتها.

ثلاثمائة عام ونحن نملك هوية ثقافية هي الأقدم والأنقى والأطهر في العالم كله، لم يشوه فيها أو لها دين أو فكر ولا تراث، ولم تتخل عن قيمها العربية الرصينة، وما تماهت جزالة نطقها ولا تفاصيل لبسها الأصيل تحت موجات التأثير والتغيير العاصف في بالعقول.

إن أحد أعظم أسرار هذا الإنجاز يعود إلى لبنه التأسيس في المجتمع؛ البيت السعودي، المتدين بفطرته والمبني على الثقة بالله ثم بأفراده، والنجاح في هذه الدائرة يكون نواة لما هو أكبر وأن عظم.

وحبا واعترافا بفضل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، مؤسس دولتنا في مرحلتها الثالثة خلال فترة زمنية وتاريخية بالغة الخطورة، ساستشهد بقصة من داخل بيته، نشرها المؤلف والكاتب والشاعر (إبراهيم بن خميس) رحمه الله في كتابه (أسود آل سعود) بسند متصل بمن عاصر الحدث، خلاصتها عندما كان الصراع على أشده بين الملك عبدالعزيز وخصومة حول القصيم، والمسافة بين قوات الفريقين تقارب المئة كيلومتر، نصب عبدالعزيز آل سعود ميدانا للرماية، وضع هدفا للرماة يتبارون على إصابته، وتصادف أن أطلق كل من عبدالعزيز وشقيقه (سعد بن عبد الرحمن آل سعود) رصاصة على الهدف في التوقيت نفسه، وأصابت الرصاصتان الهدف، وتعذر معرفة الإصابة هل نتجت من رصاصتين أو رصاصة واحدة، مما جعل كلاهما يعتقد أنه هو الذي أصاب الهدف، ارتفع صوت سعد مهللا تهليل من أصاب الهدف، وأجابه عبدالعزيز بصوت مرتفع بعزوته المشهورة (أنا أخو نوره، أنا الذي أصبته يا سعد)، كان المعروف عن سعد إلى جانب شجاعته أنه سريع الغضب سريع الرضا، رد سعد بغضب (وأنا لست أخو جارية؛ أنا أخو نورة بعد؛ يا عبدالعزيز)؛ وانصرف نحو رفاقه غاضبا ليعتلي جواده المسمى (الجنيدية)؛ رافضا أن يرافقه أحد، مصمما أن ينطلق نحو معسكر الأعداء، وبلغ الخبر عبدالعزيز فأسرع يعتلي جواده لينطلق وبصحبته بعض الخيالة، يتبعون أثره.

بعد فترة من المسير أوقف عبدالعزيز جواده وترجل وسلم مقود فرسه إلى أحد الرجال المرافقين، وابتعد عن مرافقيه كمن يريد قضاء حاجة في الخلاء، وشاهدة مرافقيه يضرب الأرض بيديه متيمما، ثم قائما يصلي، ثم رافعا يديه إلى السماء داعيا الله أن لا يمكن سعد من الاقتراب من معسكر الأعداء، وكان من دعائه (يا الله، إن أخي سعد على الجنيدية متوجها إلى حيث تعلم، وما من قوة تعيده يا الله إلا قوتك يا ربي وربه)، واصلوا المسير، وإذا بهم يرون سعدا عن بعد، وقد كسرت قدم جواده بعد وقوعه على بيت ضب في رمال الصحراء، وسعد غاضب منفعل يدور حائرا حول جواده الغالي الذي كان يعتز به، وهنا وثقته بالله ثم بنفسه وإخوانه وأسرته أمر عبدالعزيز مرافقيه أن يبقوا في أماكنهم معلنا أنه سيذهب إلى أخيه وحيدا، خاف مرافقوه، فسعد لا يزال غاضبا، وثائرا، ومسلحا، قال لهم بعبارته النجدية الصحيحة: (إنه أخي الذي حملت به أمي من ظهر أبي، والله لن يصيبني بسوء، وإذا كان خلاف ذلك لا قدر الله، فلا خير في حياتي أو حياته).

تجرد عبدالعزيز من جميع سلاحه، وانطلق بجواده نحو أخيه، وما أن وصل عنده حتى ألقى سعد بسلاحه على الأرض؛ وأسرع يحتضن أخاه عبدالعزيز؛ أجهش سعد بالبكاء بين ذراعيه، واعتليا سويا ظهر جواد عبدالعزيز، وعادا الأخوين، والمرافقون ينظرون وأعينهم تفيض بدمع الاعتزاز متأثرين بهذا المشهد الإنساني الأخوي الرائع الذي يدل على عمق الشعور بالأخوة، وصفاء الدم الواحد الذي يجري في عروق الشقيقين، فلا يمكن أن يرفع أحدهما سلاحا في وجه الآخر.
عاد الجميع إلى المعسكر، وبقي سعد مرافقا لأخيه؛ معينا له؛ ونصيرا لرايته؛ إلى أن قتل، رحمه الله في معركة (كنزان).

أخيرا، تأسست السعودية على الثقة بالله والتوحيد والعدل، وحققت الأمن والاستقرار للمواطن وأسرته، واستمرت في البناء والتنمية، وسيستمر العطاء ليصنع مستقبلا مستداما أفضل لنا؛ ولكل من يعيش معنا؛ على أرض المملكة العربية السعودية، فهنيئا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ولكافة أسرة آل سعود، والشعب السعودي ولكل محب لنا بذكرى يوم تأسيس المملكة العربية السعودية، دمتم ودام عزكم.


hq22222@