حسن علي القحطاني

شكرا زكي العريفي

الاحد - 18 فبراير 2024

Sun - 18 Feb 2024


أبحرت بي سفينة الأيام وابتعدت عن مقاعد الدراسة بعد مراحلها المتتالية؛ عشت في الفصول والقاعات صخب الطالب المجتهد دائما والمتمرد أحيانا - هكذا يصفني الأستاذ علي مغاوي -، المؤدب مرة والمشاغب عدة مرات، عدوي اللدود عريف الصف، وحكم حصة التربية البدنية، صديقي الخاص ابن مدير المدرسة؛ وإن كان غثا؛ لكن بفضله أنجو من عقاب والده ووكلائه، والمصالح تتصالح، خضت بخيال المراهق الحالم مغامرات تنتهي معظمها بأختام زرقاء من مشعاب غليظ لوالدي، أدامه الله ومشعابة تاجا على رأسي، نقش عليه بخطه الجميل عبارة (طع شوري فلكل شارب مقص)، وتدريجيا بدأ يقل وهج الإثارة، مع بلوغ سن الرشد، واشتداد العود، هذا شعور ممتع يفتقده من يلازم المقاعد الآن.

ثارت هذه الذكريات وأنا أعود طالبا في دورة الإرشاد السياحي رقم (11) التي تنظمها مشكورة وزارة السياحة في منطقة عسير لثلاثين متدربا، وينفذها المدرب الوطني العالمي (زكي العريفي) رئيس نادي المرشدين السياحيين وأحد فرسانه، أسرنا طوعا منذ الثواني الخمس الأولى لمدة سبعة أيام شاقة؛ قضينا منها (56) ساعة ونحن نتعلم ونتدرب؛ لنكون مرشدي السياحة القادمين، وللأمانة فأدبه الجم؛ وتواضعه الطاغي؛ وصبره على أخطائنا، وتشجيعه لنا، وقمعه بلطف تذمرنا؛ وربما تمردنا أحيانا، جعلت الدورة خلية نحل يملأها الحماس والعمل بروح الفريق الواحد.

في ختام الدورة تقول المرشدة السياحية الأستاذة هاجر عبد الخالق المشحم - من الأقلام الواعدة -: «واجبنا أن نظهر للعالم تميز الإنسان والمكان والزمان في هذا الوطن العظيم، هذه من معارك الوطن الاقتصادية، قائدها الملهم الأمير محمد بن سلمان ونحن من جنوده في الميدان، لننهض بالسعودية وتنهض بنا، ولو تحدثنا فقط عن أبها لأصبح المرشد فينا فنانا يشدو طرب أجوائها؛ تشكيليا يرسم لوحة تراثها؛ شاعرا يدون أعذب القصائد في لياليها؛ أبها حسناء المدن، شتاؤها يرتدي حلل الغيم الأبيض؛ وصيفها هتان ورذاذ بأجمل الألوان، إن أرضنا الشامخة بدينها وقيادتها وبقيمها تحصد جميل غرسها وعظيم عطائها فتباركي وباركي».

وأقول بكل سرور مبارك لي وللمرشدين والمرشدات التخرج من هذه الدورة.

أخيرا، إن سرعة نمو القطاع السياحي في وطني الغالي يجعل عسير السعودية في سباق مع الأرقام والمؤشرات والأحلام، تحديات أصبحت قائمة وأخرى بسرعة قادمة، وأقترح على سمو أمير منطقة عسير - رغم كثرة التزاماته العملية والاجتماعية - تبني مبادرة تحت أي مسمى؛ تدعم إنجاز المشاريع لتسليمها قبل موعدها أو لإنجاز المتعثر منها وما أكثرها، وتدرج ضمن المبادرات المثيرة التي أصبحت تحلق في فضاء عسير، إن مواكبة اتساع القطاع السياحي وتطوره يوجب الاستعداد المبكر له. دمتم ودام نجاحكم.


hq22222@