برجس حمود البرجس

المحتوى المحلي .. «سمننا في دقيقنا»

السبت - 17 فبراير 2024

Sat - 17 Feb 2024


«المحتوى المحلي» مصطلح يتسامع به اليوم الاقتصاديون المتخصصون والعامة من الناس على حد سواء، حتى لا يكاد ينفك ذكره مع كل مشروع يُعلن عن بدايته أو مبادرة اقتصادية يتم إطلاقها، عطفا على ما يشكله بوصفه قيمة أساسية ترتكز عليها منهجية الإنفاق في الحاضر والمستقبل.

فما مفهوم «المحتوى المحلي»؟ وما أثره الاقتصادي والاجتماعي؟ وأين موقعه من خارطة التنمية السعودية الشاملة التي انطلقت نحو مدى لا حدود له من البناء؟.

قد لا يتداعى الاقتصاديون بهذه الأسئلة، لإدراكهم بذلك وإحاطتهم بكل تأثير المحتوى المحلي وانعكاساته على واقعنا ومستقبلنا في المملكة، بيد أن التغذية الراجعة باستحضار أهدافه تعزز التوعية بدوره في اقتصادنا.

يوصف «المحتوى المحلي» ببساطة، بأنه «المحافظة على أكبر قدر ممكن من المال المنفق على المشتريات داخل المملكة من قبل الفئات المستهدفة، سواء جهات حكومية أو خاصة أو حتى أفراد المجتمع»، أو يمكن الاستعاضة بالعامية للتعبير عنه بالمثل القائل «سمننا في دقيقنا».

في 27 ديسمبر 2018، أُنشئت هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، بهدف تنمية المحتوى المحلي بجميع مكوناته على مستوى الاقتصاد الوطني، والارتقاء بأعمال المشتريات الحكومية ومتابعتها، لتحقيق الأهداف التنموية والمالية حسب رؤية السعودية 2030.

وعن ذلك انبثقت برامج دعم المحتوى المحلي والمبادرات المتنوعة، التي أسهمت في رفع نسبته للمشتريات الحكومية بالمملكة، حسب الرئيس التنفيذي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية الأستاذ عبدالرحمن السماري، إلى 43%، مثل مبادرتي شركات المحتوى المحلي ومؤتمر المحتوى المحلي الموحد.

ولتحفيز منظومة الاقتصاد الوطني للإسهام في تعزيز المحتوى المحلي، أطلقت الهيئة جائزة خاصة تستهدف الجائزة تكريم القطاعين العام والخاص، والشركات المملوكة للدولة، لتحفيزهم لزيادة المحتوى المحلي في مختلف القطاعات وتطوير أدائها في تنفيذ العقود والمشاريع، وتعزيز الإمكانات المحلية وتعظيم الفائدة من القوة الشرائية الوطنية.

وكان للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة ـ مثلا ـ نصيب وافر بفوزها بالجائزة في نسختيها الأولى العام الماضي والثانية لهذا العام، كأكثر الجهات الحكومية إنفاقا، بل وتحقيق نسبة تنمية للمحتوى المحلي بلغت 64% خلال 2023، ومواصلة جهودها لتوطين صناعة التحلية، ومد جسور الشراكات في هذا السياق مع جهات عدة على رأسها الهيئة ذاتها.

ومن ضمنها مبادرة توطين صناعة أهم سلعة استراتيجية بقطاع المياه، التي تم توقيع اتفاقيتها قبل عام تقريبا، لتوطين صناعة أغشية التناضح العكسي ونقل معرفتها، كواحدة من بين 5 مبادرات تقدمت بها المؤسسة سعيا منها إلى تعزيز سلاسل الإمداد المرتبطة بصناعة التحلية، وتوجيه الإنفاق محليا في المشاريع والمشتريات، بل ودعم الاقتصاد الدائري.

وحينما تطّلع على أرقام تحلية المياه تجد أنه بلغ إجمالي الانفاق المساهم في الاقتصاد الوطني نحو 12 مليار ريال، نتيجة الالتزام بتضمين متطلبات المحتوى المحلي في المنافسات، ومتابعة الالتزام خلال المشاريع من قبل الشركات المنفذة، بتحقيق نسب المحتوى المحلي المستهدفة، وهذا يدل على وجود الاستثمار المسؤول لدى التحلية، وإيمان بتنمية المحتوى المحلي.

هذا التوجه الكامل نحو تعزيز المحتوى المحلي، علاوة على أنه يعزز النشاط الاقتصادي الوطني خلال تقليل الاستعانة بالواردات الخارجية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من القطاعات، من شأنه أن يؤمن فرص التوطين في الصناعات والقوى العاملة والمنتجات والخدمات المحلية، ويسهم في رفع مستوى التنافسية بين الأفراد والمؤسسات لابتكار وجود الخدمات.

«المحتوى المحلي» قصة نجاح بدأت عندما أطلقها سمو ولي العهد مواكبة لرؤية السعودية 2030، ولن تنتهي لأنها أصبحت منهجية نؤمن بها ونعززها ونتحرى أثرها قريبا.


Barjasbh@